منتدى انترنت كافيه
منتدى انترنت كافيه
منتدى انترنت كافيه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى انترنت كافيه هو منتدى عام و يشمل جميع المجالات مثل (العاب - افلام - حوارات - ترفيه - كره قدم - سيارات - برمجه - شعر - سياحه - اسلاميات - لغات اجنبيه - ... والكثير)
 
الرئيسيةانترنت كافيهأحدث الصورالتسجيلدخول








المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 12 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 12 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 801 بتاريخ الثلاثاء أكتوبر 12, 2021 1:43 pm
مواضيع مماثلة
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 2323 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو tarek twfik فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 37073 مساهمة في هذا المنتدى في 5128 موضوع
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
LimoMan - 11484
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcapموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Voting_barموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap 
AMY - 4512
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcapموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Voting_barموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap 
//الوردة البيضاء// - 2710
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcapموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Voting_barموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap 
اجمل احساس - 2484
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcapموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Voting_barموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap 
شهدالحياه - 2037
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcapموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Voting_barموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap 
sica2002us - 1902
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcapموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Voting_barموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap 
Dr.Mohamed - 1288
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcapموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Voting_barموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap 
elsheref - 1195
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcapموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Voting_barموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap 
momaz - 968
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcapموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Voting_barموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap 
nora - 872
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcapموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Voting_barموسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap 
تصويت
ما رأيكم فى التصميم الجديد للمنتدى (9/10/2011)؟
ما شاء الله، تعديل موفق و تصميم روعه
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcap60%موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap
 60% [ 6 ]
احتاج بعض الوقت للحكم عليه، و لكنه يبدو مميزا
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcap10%موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap
 10% [ 1 ]
اممم، التصميم السابق كان افضل نوعا ما
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcap0%موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap
 0% [ 0 ]
للأسف،هذا التصميم الجديد لم ينال اعجابى تماما
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_rcap30%موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Vote_lcap
 30% [ 3 ]
مجموع عدد الأصوات : 10
المواضيع الأخيرة
» اهم 10 معلومات يجب ان تعرفها عن الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالأربعاء أغسطس 03, 2022 2:32 pm من طرف mafcotrade

» علاج المس والسحر وطرق الوقاية منه
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالإثنين أغسطس 01, 2022 10:45 am من طرف mafcotrade

» اسعار المشويات في مطعم الكبابجي
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالأحد فبراير 23, 2020 12:31 pm من طرف mafcotrade

» عنوان مطعم الكبابجي التجمع الخامس
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالأحد فبراير 23, 2020 12:11 pm من طرف mafcotrade

» مطعم الكبابجي التجمع الخامس
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالسبت فبراير 22, 2020 2:40 pm من طرف mafcotrade

»  مطاعم كباب الشيخ زايد
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 9:52 am من طرف mafcotrade

» اهم ما يجب ان يتوفر لإقامة وتصميم شبكة ري بالتنقيط
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالإثنين فبراير 03, 2020 1:08 pm من طرف mafcotrade

» الري بالتنقيط واهميته للارض
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالإثنين فبراير 03, 2020 1:05 pm من طرف mafcotrade

» الري بالتنقيط واهم فوائده
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالإثنين فبراير 03, 2020 12:35 pm من طرف mafcotrade

» الري بالتنقيط واهم فوائده
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالأحد فبراير 02, 2020 2:13 pm من طرف mafcotrade

» الري بالتنقيط واهم فوائده
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالأحد فبراير 02, 2020 1:31 pm من طرف mafcotrade

» افضل رياضة للاطفال البنات
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالسبت فبراير 01, 2020 1:57 pm من طرف mafcotrade

» طريقة اختار هدية لابني
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالسبت فبراير 01, 2020 1:49 pm من طرف mafcotrade

» افضل طرق الري للأراضي
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالأربعاء ديسمبر 04, 2019 2:33 pm من طرف mafcotrade

» تعلم أساسيات وأنواع المتعاملين وكيفية التعامل معهم
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالأربعاء ديسمبر 04, 2019 2:21 pm من طرف mafcotrade

» شقق للبيع بمشروع الأندلس 363 التجمع الخامس
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالثلاثاء نوفمبر 19, 2019 10:39 pm من طرف marwan essam

» شقق للبيع بحى النرجس الجديدة بالتجمع الخامس بمشروع 334 بالتقسيط
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالثلاثاء سبتمبر 24, 2019 7:18 am من طرف marwan essam

» فيتوليز لعلاج الكثير من أعراض التهابات البروستاتا
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالثلاثاء أغسطس 27, 2019 9:42 am من طرف mafcotrade

» كلين 9 الدواء الفعال لفقد الوزن والحفاظ علي الوزن المثالي
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالثلاثاء أغسطس 27, 2019 9:40 am من طرف mafcotrade

» فيتوليز لعلاج سرعة القذف عند الرجال
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالثلاثاء أغسطس 27, 2019 9:37 am من طرف mafcotrade


 

 موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
محمد حلبي
عضو مميز فى قسم الرياضات الاخرى
عضو مميز فى قسم الرياضات الاخرى
محمد حلبي


ذكر
عدد الرسائل : 162
نقاط : 312
العمر : 71
الدوله : الاسكندرية - مصر
تاريخ التسجيل : 03/11/2010
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Male_e10

موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ   موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالسبت نوفمبر 27, 2010 10:00 pm



موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ



قصة الحب العذري

عرفت قبيلة عذرة فى
أيام بني أمية بهذا اللون من الحب، ونسب إليها، واشتهرت به وبكثرة عشاقها المتيمين الصادقين في حبهم، المخلصين
لمحبوباتهم، الذين يستبد
بهم الحب، ويشتد بهم الوجد، ويسيطر عليهم الحرمان، حتى يصل بهم إلى درجة من الضنى والهزال كانت تفضي
بهم في أكثر الأحيان إلى الموت، دون أن يغير
هذا كله من قوة عواطفهم وثباتها، أو يضعف من إخلاصهم ووفائهم، أو يدفعهم إلى السلو والنسيان.
وقديماً قال رجل
منهم : "لقد تركت بالحي ثلاثين قد خامرهم السل وما بهم داء إلا الحب".
وسئل آخر :
"ممن أنت؟" فقال : "من قوم إذا أحبوا ماتوا"، فقالت جارية
سمعته
: "عذري ورب
الكعبة".
وليس من السهل أن
نحدد تماماً الأسباب التي جعلت هذه القبيلة تشتهر بهذا اللون من الحب ليصبح ظاهرة اجتماعية تعرف بها وتنسب إليها، وإن
يكن القدماء
قد حاولوا رد هذا
إلى رقة قلوبهم وجمال نسائهم.
سئل أعرابي منهم :
"ما بال قلوبكم كأنهم قلوب طير تنماث كما ينماث الملح! أما
تجلدون ؟
فقال : إنا لننظر
إلى محاجر أعين لا تنظرون إليها".
وقيل لآخر : "
يا هذا بحق أقول إنكم أرق الناس قلوباً".
ويقول ابن قتيبة :
"والجمال في عذرة والعشق كثير".
ولكن هذه المحاولات
تبدو غير كافية تماماً لتعليل هذه الظاهرة، إذ تظل معها الأسئلة واردة
:
هل كانت عذرة حقا
أرق العرب قلوبا وأجملها نساء ؟
ومن ذا الذى يستطيع
أن يدعي أنها امتازت من بين جميع القبائل العربية بالرقة والجمال ؟
وإذا صح هذا الادعاء
فكيف نعلل ظهور هذا الحب في غيرها من القبائل ؟

عذرة لم تنفرد وحدها
من بين القبائل العربية بهذا اللون من الحب، وإنما ظهر أيضاً في غيرها من القبائل كقبيلة بني عامر حيث ظهر مجنون ليلى
قيس بن
الملوح، وقبيلة بني
كنانة حيث ظهر قيس بن ذريح صاحب لبنى.
فالمسألة ليست مسألة
عذرة وحدها، والحب العذرى ليس وقفاً عليها دون غيرها من القبائل، ولكنه لون من الحب عرفته البادية العربية مع غيره
من ألوان
الحب المختلفة مرده
الأساسى إلى المزاج الشخصي الذي يدفع بعض الناس إلى اللهو والمجون والشرك في الحب، كما يدفع بعضهم إلى الوفاء
والإخلاص
والتوحيد فيه، ثم
إلى طبيعة الظروف التي تحيط بالعاشق أتدفعه إلى اللهو والعبث أم ترده إلى الطهر والعفاف؟
فالمسألة ليست مسألة
عذرة وحدها، ولكنها مسألة المجتمع البدوى العربي في مجموعه، وهذا اللون من الحب هو التعبير العاطفي الطبيعي في هذا
المجتمع،
حيث تسيطر تقاليد
خاصة ومثل معينة على الحياة الاجتماعية فيه، فتخلق هذا اللون المتميز من ألوان الحب الروحي.
فالمسألة ليست مسألة
أن "الجمال فى عذرة كثير"، أو أن قلوب أبنائها" كقلوب الطير تنماث كما ينماث
الملح"، ولكنها مسألة مجتمع البادية العربية بتقاليده ومثله المسيطرة عليه، في عذرة وفي غير عذرة من تلك
القبائل التي
كانت تنزل في
البادية العربية ، في نجد وفي شمالي الحجاز.
أما انتشار هذه
الظاهرة فى عذرة ذلك الانتشار الذي صوره أحد أبنائها بأنه ترك في الحي "ثلاثين قد خامرهم السل وما بهم داء إلا
الحب"، فلا يمكن أن يفهم
إلا على أساس فهم الظواهر الاجتماعية عامة، فهي "عدوى اجتماعية" جعلت من هذا الحب بدعا بين شباب
القبيلة يلعب فيه التقليد دورا كبيرا يدفع كل شاب إلى صاحبة له ليعرف بها كما عرف غيره من شبابها بصاحباتهم،
ثم تتدخل
الظروف الاجتماعية
لتطبع هذا الحب بالطابع العذري المعروف، فالمسألة فى حقيقتها ظاهرة اجتماعية انتشرت كما تنتشر سائر الظواهر
الاجتماعية على أساس من
العدوى والتقليد.
أما لماذا نسب هذا
الحب إلى عذرة دون غيرها من القبائل؟ ففي أغلب الظن أن السبب في هذا يرجع إلى أنها هي التي مثلت هذه الظاهرة
الاجتماعية أقوى تمثيل،
لكثرة من عرف من عشاقها الذين رأى فيهم الرواة المثل الكاملة لهذا الحب، والنماذج الدقيقة له ،
والألسنة المعبرة عنه أدق تعبير وأروعه ،وخاصة عند جميل بثينة الذي يعد بحق أروع مثل له، وأدق نموذج عرفته
البادية منه،
وأقوى الألسنة
تعبيراً عنه، وأشهر من لمع اسمه في تاريخه.
وربما يرجع السبب
أيضاً إلى أن أقدم من عرفه الرواة من أصحاب هذا الحب في العصر الأموي، وهو عروة بن حزام، كان عذريا من قبيلة بني عذرة.
وهو ما سنراه في أول
قصة لنا


جميل وبثينة

قريبا من الوقت الذى
شهدت فيه نجد مأساة قيس وليلى، وشهد الحجاز مأساة قيس ولبنى، شهدت أرض بنى عذرة مأساة أخرى من مآسى الحب العذرى، هى
مأساة جميل وبثينة.
إذا كانت مأساة قيس
وليلى على شهرتها المستفيضة أشد هذه المآسي اختلاطاً واضطرابا لكثرة ما دخلها من وضع الرواة، وتزيد القصاص، وأوهام
السمار، فإن
مأساة جميل وبثينة
أبعد هذه المآسي عن الاختلاط والاضطراب، وأقربها إلى الواقع الذي نجا من عبث أصحاب الرواية والقصص والسمر.
حدثت القصة في العصر
الأموي وفي عهد الخليفة عبد الملك بن مروان أو الخليفة الوليد بن عبد الملك.
كانت بثينة فتاة من
بني الأحب، وهم من رهط بني عذرة، وكذلك جميل، كان من رهط آخر من بني عذرة هم رهط عامر، وبني عذرة كانت تنزل في
البادية العربية شمال
الحجاز، في وادي القرى الذي يقع على مقربة من الطريق التجاري بين مكة والشام ، وهو واد خصب، استقرت به
تلك القبيلة، وكانت مشهورة منذ العصر الجاهلي
بالقوة والمنعة والشرف.
وقد دخلت بنو عذرة
الإسلام في السنة السابقة للهجرة، وشارك أبناؤها في غزوات الرسول وفي الفتوحات الإسلامية .
أحب جميل بن معمر
العذري بثينة بنت الحباب وبدأت القصة كالتالي :
رأى بثينة وهو يرعى
إبل أهله، وجاءت بثينة بإبل لها لترد بها الماء، فنفرت إبل جميل، فسبها، ولم تسكت بثينة وإنما ردت عليه، أي سبته هي
أيضاً.. وبدلا
من أن يغضب أعجب
بها، واستملح سبابها فأحبها وأحبته، وبدأت السطور الأولى في قصة هذا الحب العذري الخالدة.
حيث تطور الإعجاب
إلى حب، ووجد ذلك صدى لديها، فأحبته هي أيضاً، وراحا يتواعدان سرا.
يقول جميل :
وأول ما قاد المودة
بيننا ** بوادي بغيض، يا بثين، سباب
فقلنا لها قولا
فجاءت بمثله ** لكل كلام، يا بثين، جواب
وتمر الأيام، وسطور
القصة تتوالى سطراً بعد سطر.
لقد اشتد هيام جميل
ببثينة،واشتد هيامها به، وشهدت أرض عذرة العاشقين يلتقيان ولا يكاد أحدهما يصبر عن صاحبه.
وكلما التقيا زادت
أشواقهما، فيكرران اللقاء حتى شاعت قصتهما، واشتهر أمرهما، ووصل الخبر إلى أهل بثينة ، فتوعده قومها، وبدلاً من
أن يقبلوا يد
جميل التي امتدت
تطلب القرب منهم في ابنتهم رفضوها، وأبوا بثينة عليه وردوه دونها، وتوعدوه بالانتقام، ولكي يزيدوا النار اشتعالاً سارعوا
بتزويج
ابنتهم من فتى منهم،
هو نبيه بن الأسود العذري.
وكان جميل من فتيان
عذرة وفرسانها الأشداء، وكان قومه أعز من قوم بثينة، فوقف في وجههم فجميل لم يستسلم، بل راح يتحدى أهل بثينة، ويهزأ
بهم، ويهددهم منشدا :
ولو أن ألفا دون
بثينة كلهم ** غيارى، وكل حارب مزمع قتلي
لحاولتها إما نهارا
مجاهرا ** وإما سرى ليل ولو قطعت رجلي
ويقول أخرى:
فليت رجالا فيك قد
نذروا دمي ** وهموا بقتلي، يا بثين، لقوني
إذا ما رأوني طالعاً
من ثنية ** يقولون: من هذا ؟ وقد عرفوني
يقولون لي: أهلا
وسهلا ومرحبا ** ولو ظفروا بي خاليا قتلوني

ولم يغير هذا الزواج
من الحب الجارف الذي كان يملأ على العاشقين قلبيهما، فقد كان جميل فارسا شجاعا يعتز بسيفه وسهامه، فلم يتأثر حبه
لبثينة
بزواجها، ووجد السبل
إلى لقائها سراً في غفلة من الزوج.
وظلت العلاقة بينهما
كما كانت من قبل، يزورها سرا في غفلة من زوجها، أو يلتقيان خارج بيت الزوجية، وما بينهما سوى الطهر والعفاف.
وكان الزوج يعلم
باستمرار علاقة بثينة بجميل ولقاءاتهما السرية، فيلجأ إلى أهلها ويشكوها لهم، ويشكو أهلها إلى أهل جميل.
لكي تتوقف اللقاءات
فترة، ثم تعود أقوى وأشد مما كانت.
فبثينة لم تكن تعبأ
بما قد يفعله زوجها أو أهلها لقد أرغموها على الزواج بمن لا ترغب، وكان من رأيها عليهم أن يتحملوا وزر فعلتهم.
وتحدث إليه أهله في
أمر هذه العلاقة الغريبة التي لا أمل فيها، وهذا الإلحاح الذليل خلف امرأة متزوجة، وحذروه مغبة الاندفاع في هذا
الطريق
الشائك الوعر، وما
ينطوي عليه من عواقب وخيمة، وهددوه بأن يتبرؤوا منه ويتخلوا عنه إذا استمر في ملاحقته لها ، ولكنه لم يستطع أن
يبرأ من حبه
لبثينة.
وهذا كله لم يغير من
الأمر شيئا، ولم يفلح في إطفاء الجذوة المتقدة في قلبي العاشقين.
لقد امتنع جميل عن
بثينة فترة من الزمن لم تطل، ثم عادت النار تتأجج في فؤاده، فعاود زيارتها، بل تمادى في علاقته بها، وفى تحديه
لأهلها واستهانته بزوجها،
فلم يجدوا أمامهم سوى السلطان يشكونه إليه، فشكوه إلى عامر بن ربعي وإلى بنى أمية على وادي
القرى، فأنذره وأهدر لهم دمه إن رأوه بديارهم.
وامتنع جميل عن
بثينة مرة أخرى، ومرة أخرى ألح عليه الشوق، ولم يطق عنها صبراً، فعاود زيارتها معرضا نفسه للهلاك.
وأعاد أهلها شكواهم
إلى السلطان، فطلبه طلبا شديداً.
وقد حاول العذريون
أن يحلوا مشكلة هذا الصراع بترويض نفوسهم على الرضا بالحرمان، وهو رضا أحال حياتهم وهما كاذبا، وسرابا خداعا،
وأحلاما لا تقوم على
أساس من الواقع العملي الذي تقوم عليه حياة غيرهم من الناس.
يقول جميل معبراً عن
هذه الفكرة، فكرة الرضا بالحرمان، والقناعة بالوهم الكاذب الخداع:
وإني لأرضى من بثينة
بالذي ** لو أبصره الواشي لقرت بلابلة
بلا، وبأني لا
أستطيع، وبالمنى ** وبالأمل المرجو قد خاب أمله
وبالنظرة العجلى،
وبالحول تنقضي ** أواخره لا تلتقي وأوائله
لقد تصور هؤلاء
العذريون مشكلتهم على أنها قدر مقدور قضاه الله عليهم فلا يملكون معه إلا الصبر عليه والرضا به.
يقول جميل معبرآ عن
هذه القدرية المحتومة:
لقد لامني فيها أخ ذو
قرابة ** حبيب إليه في ملامته رشدي
فقال: أفق، حتى متى
أنت هائم ** ببثينة فيها لا تعيد ولا تبدي؟
فقلت له: فيها قضى
الله ما ترى ** علي، وهل فيما قضى الله من رد؟
فإن يك رشدا حبها أو
غواية ** فقد جئته، ما كان مني على عمد
لقد لج ميثاق من
الله بيننا ** وليس لمن لم يوف لله من عهد
إنه لم يعد يملك من
أمر نفسه شيئا، لقد قضى الله عليه هذا الحب، ولا راد لقضائه، إنه قدر مقدور لا يملك له دفعا ولا ردا.
ومع ذلك لم يفلح
العذريون في حل مشكلة هذا الصراع فى نفوسهم، أو إقناع أنفسهم بأن المسألة قدر مقدور لا يملكون معه شيئا، أو ترويضها
على الرضا
بالحرمان الذي فرض
عليهم، وإنما كانت كلها محاولات يحاولونها، قد ينجحون فيها في بعض الأحيان، ولكنهم في أكثر الأحيان كانوا يخفقون.
فنرى في شعرهم
الشكوى الصارخة، والأحزان التي يعجزون عن إخفائها، والدموع التي لا يملكون لها كتمانًا، والسخط الذي لا يقدرون على التخلص
منه.
وشعر العذريين جميعا
مطبوع كله بهذا الطابع الحزين الباكي، حتى ليعد هذا الطابع من أقوى طوابعه المميزة وأعمقها.
ونعود لبطل قصتنا
مرة أخرى.
بعد كل الأحداث التي
تناولته فر جميل إلى اليمن حيث أخواله من جذام، وظل مقيما بها حتى عزل ابن ربعي، فعاد إلى وطنه ليجد قوم بثينة قد
رحلوا إلى
الشام، فرحل وراءهم.
وكأنما يئس جميل من
هذه المطاردة التي لا تنتهي، والتي أصبح الأمل فيها ضعيفا، والفرصة ضيقة.
لقد فرقت البلاد
بينه وبين صاحبته، ولم يعد لقاؤهما ميسراً كما كان عندما كانت تضمهما جميعاً أرض عذرة، فقرر أن يرحل إلى مصر، ليلحق
ببعض قومه الذين سبقوه
إليها، واستقروا بها، كما فعلت كثير من القبائل العربية التي هاجرت إليها بعد الفتح.
وانتهز جميل فرصة
أتيحت له في غفلة من أهل بثينة، فزارها مودعا الوداع الأخير، ثم شد رحاله إلى مصر حيث قضى فترة من الزمن لم تطل،
يتشوق إليها،
ويحن لها، ويتذكر
أيامه معها، ويبكي حبه القديم.
يقول جميل :
ألا ليت أيام الصفاء
جديد ** ودهرا تولى يا بثين يعود
فنغنى كما كنا نكون،
وأنتم ** صديق، وإذ ما تبذلين زهيد
وما أنس من الأشياء
لا أنس قولها ** وقد قربت نضوى: أمصر تريد ؟
ولا قولها: لولا
العيون التي ترى ** أتيتك فاعذرني فدتك جدود
علقت الهوى منها
وليدا فلم يزل ** إلى اليوم ينمى حبها ويزيد
فلو تكشف الأحشاء
صودف تحتها ** لبثينة حب طارف وتليد
ألا ليت شعري هل
أبيتن ليلة ** بوادي القرى إني إذن لسعيد
وهل ألقين سعدي من
الدهر مرة ** ومارث من حبل الصفاء جديد
وقد تلتقى الأهواء
من بعد يأسة ** وقد تطلب الحاجات وهي بعيد

ولكن القدر أبى أن
تلتقي الأهواء بعد يأس، أو أن تدرك الحاجات البعيدة، فلم تطل أيام جميل بمصر، فقد أخذ النور يخبو، ثم انطفأ السراج،
وودع جميل
الحياة بعيداً عن
بثينة التي أفنى شبابه في طلبها، بعيداً عن أرض عذرة التي شهدت أيامهما السعيدة وأيامهما الشقية، بعيدا عن وادي القرى
الذي كان
يتمنى أن يعود إليه
ليبيت فيه ليلة تكتمل له فيها سعادته.
يقول جميل مصورا
أحزانه الطاحنة التي تحطم نفسه تحطيما حتى ليوشك أن ينهار تحت وطأتها:
وما ذكرتك النفس يا بثين
مرة ** من الدهر إلا كادت النفس تتلف
وإلا علتني عبرة
واستكانة وفاض ** لها جار من الدمع يذرف
تعلقتها، والنفس مني
صحيحة فما ** زال ينمى حب جمل وتضعف
إلى اليوم حتى سل
جسمي وشفني وأنكرت ** من نفسي الذي كانت أعرف
وفي ظل هذا الصراع
الحاد بين اليأس والأمل، وفي ظل هذه المحاولات السلبية للسلو والنسيان عاش العذريون مخلصين لمحبوباتهم.
لقد وهب كل منهم
حياته لواحدة أخلص لها حبه ولم يشرك به حبا آخر، لا يعدوها إلى غيرها، ولا يصرف هواه إلى سواها، ولا ينقل فؤاده حيث شاء
من الهوى،
وإنما يعيش حياته
على ما فيها من حرمان وأحزان ، فقد ارتبطت حياته بها، وأصبح كل شئ فيها ملكاً لها، واستحالت أيامه ولياليه ذكرياتا
وأحلاما
استقرت في شعروه وفي
لا شعوره فهو يعيش بها ولها وعليها، ولم يعد في قلبه متسع لمحبوبة أخرى بعد أن ثبت حبها فيه كما ثبتت فى الراحتين
الأصابع.
وبلغ نعيه بثينة بعد
حين، فسقطت مغشيا عليها، حتى إذا ما أفاقت أنشدت هذين البيتين اللذين تعاهد فيهما نفسها على الوفاء لعهده والإخلاص
لذكراه،
واللذين أودعت فيهما
كل ما تفيض به نفسها مرارة ويأسا بعده
:
وإن سلوى عن جميل
لساعة ** من الدهر ما حانت ولا حان حينها
سواء علينا يا جميل
بن معمر ** إذا مت بأساء الحياة ولينها
وتمر الأيام عليها
بعد ذلك حزينة باكية، وتتوالى الليالي طويلة ثقيلة موحشة، تستعيد فيها ذكريات حبها البعيدة، وتسترجع ما مر بها في
ماضيها
السعيد الذي طوته
رمال عذرة إلى الأبد.
ويأخذ النور يخبو،
ثم ينطفئ السراج، وتودع بثينة الحياة بعيدة عن جميل الذي وهبته حبها وإخلاصها، بعيدة عن أرض عذرة ووادي القرى ووادي
بغيض حيث خط
طفل الحب أول سطر في
كتاب حبهما الخالد.
كانت النهاية
المحتومة التي لا مفر منها، إنه الموت.
ودع العاشق حياته
على أمل في أن يجمع الله بينه وبين صاحبته بعد الموت، عسى أن يتحقق له فى العالم الخالد ما لم يتحقق له في العالم الفاني.
أمنية تمناها كل
عاشق عذري، وأغمض عينيه عليها.
أمنية تمناها جميل
كما تمناها عروة بن حزام قبل حيث يقول
:
وإني لأهوى الحشر إذ
قيل إنني ** وعفراء يوم الحشر ملتقيان
فيا ليت محيانا
جميعا، وليتنا ** إذا نحن متنا ضمنا كفنان
أما جميل فيقول جميل:
أعوذ بك اللهم أن
تشحط النوى ** ببثينة في أدنى حياتي ولا حشري
وجاور إذا ما مت
بيني وبينها ** فيا حبذا موتي إذا جاورت قبري
ويقول أيضا:
ألا ليتنا نحيا
جميعا، وإن نمت ** يواف ضريحي في الممات ضريحها
فما أنا في طول الحياة
براغب ** إذا قيل قد سوى عليها صفيحها
وبهذه الأبيات نسدل
الستار على مأساة أخرى من مآسي الحب العذري الحزينة.

ولكن ما نوع تلك
اللقاءات المتكررة بين جميل وبثينة ؟ هل كانت لقاءات بريئة كما يؤكد بعض الرواة ؟! ولكن كيف نصدق تلك الروايات وجميل نفسه
يؤكد لنا
في أشعاره أنه كان
يقضي الليل كله بصحبة بثينة
.
مضطجعا بجوارها،
أحيانا لمدة ثلاث ليال !! فإذا ما أسفر الصبح أو كاد، تشفق بثينة عليه، وتلح عليه أن ينصرف فيأبى معتزاً بسيفه وسهامه
ولكنها تلح حتى ينصرف.
بعض الروايات تؤكد
أن جميلاً كان مستهتراً ماجنا، وبعضها الآخر يؤكد أنه كان عاشقا ولها.
ويذكر الرواة في
أحاديثهم عن هؤلاء العذريين أخباراً كثيرة عن هذه العفة وهذا الطهر، ويصفون لقاء جميل وبثينة في أحضان الليل بعيداً عن
أعين الرقباء، وكيف كانا يقضيان الوقت
يسألها عن حالها وتسأله عن حاله، وتستنشده ما قال فيها من شعر فينشدها، ولا يزالان يتحدثان، لا يقولان
فحشاً ولا
هجراً، حتى إذا قارب
الصبح ودع كل منهما صاحبه أحسن وداع، وانصرفا وكل منهما يمشي خطوة ويلتفت إلى صاحبه حتى يغيبا.
وفى اللحظات الأخيرة
من حياة جميل، وهو فوق ذلك المعبر الضيق الذي يفصل بين شط الحياة وشط الموت، أقسم أنه ما وضع يده على بثينة لريبة،
وأن أكثر ما
كان منه أن يسند
يدها إلى فؤاده.

ولنا لقاء آخر مع
قصة جميلة كهذه



عمرو بن كعب وعقيلة

هذه صورة
أيضاً كانت فيها مأساة عمرو بن كعب بن النعمان الملك وابنة عمه عقيلة.
نشأ عمرو
معها في بيت أبيها بعد وفاة أبيه، وربط الحب بين القلبين الصغيرين، حتى إذا ما كبرا تقدم إلى أبيها
يطلب عونه لما كان بين أسرتيهما من صلة.
ثم يبلغه أن
عمه زوج عقيلة لأحد من بني فزارة، فكانت صدمة له لم تقوى على احتمالها أعصابه فانهار، وانطلق إلى الصحراء
ذاهلا عن كل شيء هائما على وجهه في إقليم اليمامة، وقد شد بصره إلى السماء، حتى أدركته منيته في
تيه لم يعرف مكانه فيه.
وفى بيت
الفزارة تعيش عقيلة كما يذكر الرواة عذراء، وتنهار أعصاب زوجها، فيخرج هو أيضا إلى الصحراء هائما على
وجهه فلا يدري أين مذهبه.
وتعود عقيلة
إلى بيت أبيها تندب حظها، وتبكي مأساتها، وتدب الأدواء والأسقام في جسدها حتى تذويه وتضنيه، ثم
يضمها الموت إليه لتلحق بحبيبها.

هذا ما وصل
من أحداث هذه القصة عبد الله بن العجلان وهند

وعلى نحو من
نفس الصورة السابقة تقريبا كانت مأساة عبد الله بن العجلان وهند، وكلاهما من نهد من قضاعة.
وهي أقرب
مأساة جاهلية إلى مأساة قيس بن ذريح ولبنى، وأشدها شبهأ بها.
رأى عبد
الله هندا على بعض المياه فأحبها، ثم مضى إلى أبيها فخطبها، وتحقق له أمله فتزوجها وعاش معها بضع سنين
كأسعد ما يكون ، حبيبان ربط بينهما رباط الزوجية المقدس.
ولكن القدر
أبى عليهما السعادة التي ينعمان بها، فقد كانت هند عاقرا، وكان عبد الله وحيد أبويه، وكان أبوه سيدا
من سادات قومه المعدودين، ومن أكثرهم مالاً وأوسعهم ثراء، فطلب إليه أن يطلقها ويتزوج غيرها عسى أن ينجب
منها من يحفظ على الأسرة مالها
وكيانها.
وأبى عبد
الله، وتحرجت الأمور بينه وبين أبيه الذي أقسم أن لا يكلمه حتى يطلقها وتمسك عبد الله بزوجه
الحبيبة، ولكن أباه جمع عليه أعمامه وأبناء أعمامه، وما زالوا به حتى ضعف أمامهم فانفصل
عنها.
وما إن نفذ
السهم حتى أسف عليها، وندم على فراقها، واشتد حزنه وجزعه من أجلها.
ثم تزوجت
هند في بني شخص اسمه نميـر، فضاقت السبل في وجه عبد الله، وانهارت أعصابه، واصطلحت على جسده العلل
والأدواء.
وعرض عليه
أهله فتيات الحي لعل إحداهن تعجبه فتنسيه صاحبته الأولى، ولكنه رفض الزواج.
وقضى عبد
الله بعد ذلك حياته يبكي حبه القديم، وفردوسه المفقود، وسعادته الضائعة، حتى مات حزنا عليها، وأسفا
على أمل كان بين يديه ثم فرط فيه فضاع منه إلى الأبد.



ولادة وابن زيدون

ابن زيدون
هو أشهر صوت شعري انطلق في ربوع الأندلس، مغردًا، مردّدًا أحلى القصائد والمقطوعات، شاعرًا ووزيرًا
وعاشقًا مستلهمًا، وسجينًا وهاربًا ومطاردًا، وساعيًا من بلدة إلى بلدة ومن حاكم إلى حاكم.
وأتيح لشعره
من الذيوع ما لم يتح لغيره من شعراء الأندلس.
وهو الملقب
بذو الوزارتين.
وهو الكاتب
الشاعر الرقيق عاشق ولاّدة بنت المستكفي.
حتى لقد
شبهه الكثيرون ببحتريّ الشرق لرقة تعبيره وروعة أساليبه وانطلاق خياله وأصالة فنه وقدرته على التحليق
الشعري.
ولد ابن
زيدون في قرطبة قرب ختام القرن الرابع الهجري سنة ثلاثمائة وأربع وتسعين وبها تثقف وأتقن فنَّ الأدب :
شعره ونثره.
ثم اتصل
بابن جمهور وصار وزيره وكاتبه الأول حتى كان حبه لولادة ومزاحمة ابن عبدوس له في حبها، ومكيدته له
عند ابن جمهور التي انتهت بسجنه.
ومن السجن
كان ابن زيدون يرسل أنات مستعطفة وقصائد مليئة بالشكوى والمرارة والرجاء، فلا يلتفت إليه أحد.
ونجح ابن
زيدون في الفرار من السجن ومغادرة قرطبة، ثم عاد إليها بعد أن تُوفي أبو الحزم بن جمهور وتولى
الحكم ابنه الوليد، الذي أعاده إلى سابق مكانته ومنزلته وجعله سفيرا بينه وبين ملوك
الطوائف.
لكن الحسد
والحقد والدسائس تلاحق ابن زيدون من جديد، فانقلب عليه الوليد، واضطر إلى الفرار من قرطبة ثانية،
وظل متنقلا في الأندلس، حتى لقي تيسر له الامر لدى المعتضد حاكم إشبيلية.
وبموت
المعتضد، أصبح ابن زيدون وزير ابنه المعتمد الذي كان شاعراً، فعلي مقام ابن زيدون، وتألق نجمه، ولمعت
مواهبه وزكت شاعريته، ودارت بين الأمير ووزيره مطارحات شعرية كثيرة.
ثم تم
للمعتمد الاستيلاء على قرطبة موطن ابن زيدون وانتقل إليها وجعلها عاصمة ملكه.
وثارت في
إشبيلية فتنة طائفية بسبب اليهود فأرسل المعتمد ابن زيدون لتهدئتها بما له من منزلة في قلوب
الإشبيليين، لكن الشاعر الذي كان قد هرم وشاخ وأنهكه المرض لا يكاد يصل إلى إشبيلية
حتى ألحت عليه الحمى ومات فيها سنة أربعمائة وثلاث وستين من الهجرة.
هذه الحياة
العاصفة المتقبلة، وهذه الأحاديث الجسيمة المتتالية، صقلت وجدان ابن زيدون وألهبت قدرته الشعرية،
وانعكست في شعره تفننا في الشكوى والحنين والتأمل والنظر في مصائر الأيام وتقلب الزمان.
لكن أبعدها
غورا في نفسه هو حبه لولادة بنت المستكفي، التي كانت تُقرّبه حينًا ثم تقرب غريمه ومنافسه ابن عبدوس حينًا
آخر.
ومن أجل
ولادة كتب ابن زيدون نونيته الرائعة أشهر قصائده على الإطلاق والتي عارضها أحمد شوقي وهو يعاني بدوره
مرارة النفي والاغتراب في إسبانيا بنونيته التي مطلعها:
يا نائح
الطلح أشباه عوادينا ** نأسى لواديك أن نشجي لوادينا
والتي جعلت
الكثيرين من المولعين بالمقارنات يتوقفون عند القصيدتين، تأملا وتحليلا وتقييما ومقارنة، كما توقفوا
عند السينيتين : سينية البحتري وسينية شوقي للسبب نفسه.
يتميز شعر
ابن زيدون بالعذوبة وتوفر النغم الموسيقي والسهولة، كما يتميز بالانسياب والاسترسال والتدفق في
طواعية ويُسْر، ودون جهد أو تعب، وشعره في الغزل يتميز بالنعومة والبراعة في التصوير،
تصوير خلجات النفس ومكنون أسرارها، ولوعة المحب الصادق في معاناته ومكابدته، كما يتميز بمزجه
الغزل بوصف الطبيعة، مما أعطى
لقصائده في الحب إطارها الطبيعي المشرق، وجعلها شبيهة باللوحات المصورة، الناطقة بالفن
الرفيع والشعور الحي المرهف، والوجد المتقد.
يقول
الدارسون لحياة ابن زيدون وشعره، إنه كتب نونيته تلك وهو هارب من السجن بعد أن يئس من إقناع ابن جمهور
بإطلاق سراحه، وأصبح بعيدًا عن مركز الوزارة المرموق، فوجد نفسه بعيدا عن ولادة أيضًا.
ولقد عادت إليه
حريته بالهرب من السجن، ولكنه ما يزال يعاني غربتين أو معضلتين، الوزارة التي يصبو إليها، والتي
يعتبر عودته إليها تصحيحا لمسار حياته وتكريما لذاته، وولادة التي بذل لها نفسه وعصارة قلبه وخلاصة
شعره والتي يخشى أن يفقدها إلى
الأبد.
إن الشاعر
العاشق يستعطف محبوبته وضالته ويُذكرها بأيامها الماضية، لعلها ترقُّ وتلين، فيعود ثانية ما كان
بينهما من ريق الوصال، وأنس الوداد.
يقول ابن
زيدون مخاطبًا ولادة.
أضحى
التنائي بديلاً عن تدانينا ** وناب عن طيب لقيانا تجافينا
ألا، وقد
حان صبح البين، صبحنا ** حينٌ، فقام بنا للحين ناعينا
من مبلغ
الملبسينا بانتزاحهمو ** حزنا مع الدهر لا يبلى ويبلينا
أن الزمان
الذي ما زال يضحكنا ** أنسا بقربهمو قد عاد يبكينا
غيظ العدا
من تساقينا الهوى، فدَعوا * *بأن نغَصَّ فقال الدهر آمينا
فانحلَّ ما
كان معقودًا بأنفسنا * *وأنبت ما كان موصولاً بأيدينا
وقد نكون
وما يخشى تفرقنا ** فاليوم نحن وما يرجى تلاقينا
ويقول مرة
أخرى :
يا ليت
شعري، ولم نعتب أعاديكم ** هل نال حظًّا من العتبى أعادينا
لم نعتقد
بعدكم إلا الوفاء لكم ** رأيا، ولم نتقلد غيره دينا
ما حقنا أن
تقروا عين ذي حسد ** بنا، ولا أن تسروا كاشحا فينا
كنا نرى
اليأس تسلينا عوارضه ** وقد يئسنا فما لليأس يغرينا
ويقول مرة
ثالثة :
بنتم وبنا،
فما ابتلت جوانحنا ** شوقا إليكم ولا جفت مآفينا
نكاد حين
تناجيكم ضمائرنا ** يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
حالت
لفقدكمو أيامنا فغدت ** سودًا، وكانت بكم بيضًا ليالينا
إذ جانب
العيش طلق من تآلفنا ** ومورد اللهو صاف من تصافينا
وإذ هصرنا
فنون الوصل دانية ** قطافها، فجنينا منه ما شينا
ليسق
عهدكمو، عهد السرور، فما ** كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
لا تحسبو
نأيكم عنّا يغيرنا ** إن طالما غيَّر النأي المحبينا
والله ما
طلبت أهواؤنا بدلاً ** منكم، ولا انصرفت عنكم أمانينا
ولا استفدنا
خليلا عنكم يشغلنا ** ولا اتخذنا بديلا منكم يسلينا
ويقول أيضا :
يا ساري
البرق غاد القصر واسق به ** من كان صرف الهوى والود يسقينا
وأسألك هناك
هل عني تذكرنا ** إلفا تذكره أمسى يغنينا
ويا نسيم
الصبا بلغ تحيتنا ** من لو على البعد حيا كان يحيينا
فهل أرى
الدهر يقضينا مساعفة ** منه، وإن لم يكن غبًّا تقاضينا
ويقول :
إذا انفردت
وما شوركت في صفة ** فحسبنا الوصف إيضاحا وتبيينا
يا جنة
الخلد أبدلنا بسدرتها ** والكوثر العذب زقوما وغسلينا
كأننا لم
نبت والوصل ثالثنا ** والسعد قد غض من أجفان واشينا
إن كان قد
عز في الدنيا اللقاء بكم ** في موقف الحشر نلقاكم ويكفينا
سران في
خاطر الظلماء يكثمنا ** حتى يكاد لسان الصبح يفشينا
لا غرو في
أن ذكرنا الحزن حين نهت ** عنه النهى وتركنا الصبر ناسينا

لم ترد
أخبار كثير عن قصة هذا الحب مع أنه قد عرف بها وشاع ما كان بينهما.
لكن لا بأس
فقد كانت فرصة تعرفتم فيها على شخصية أدبية قلما تنجب الأمهات مثلها


أبو نواس وجنان

أبو نواس، الشاعر
المعروف الذى عاصر الخليفة المهدي ثم الرشيد ثم الأمين، مات قبل أن يدخل الخليفة المأمون بغداد.
قرأنا عنه وله كثيرا
من الشعر ، ولكن آخر ما يتوقعه المرء أن يتأكد حب أبى نواس لجارية من بنات عصره، كانت تدعى جنان .
قال أغلب الذين
كتبوا عن أبي نواس إن حبه لجنان كان صادقا، وكان حقيقة لم ينكرها أبو نواس ولا أنكرها أحد ممن عاصروه سوى قلة منهم شكوا
في جديته
.
فما هي حكاية أبي
نواس وجنان والحب من أول نظرة
.
كان أبو نواس شاعرا
فذا أجمع شعراء عصره على تميزه حتى أن الشاعر أبا العتاهية وسط أحد أصدقائه يطلب منه ألا يقول الشعر في الزهد
حتى لا يتفوق
عليه .
وقد اشتهر أبو نواس
بالمجون والزندقة، ولم يكن يخفي ذلك أو ينكره بل كان يجاهر بشذوذه، ويحكي عن مغامراته.
ويقول أبو الفرج
الأصفهاني أن أهل أبي نواس حاولوا أن يزوجوه حتى ينصلح حاله فأبى عليهم ولكنهم ظلوا يلحون حتى أذعن أخيرا فزوجوه
جارية جميلة من أهل
بيته، لكنه أعرض عنها، وطلقها.
وعلى الرغم من ذلك
ذكرت الأخبار أنه كان يعجب ببعض الجواري وأنه عشق جارية وطلبها من صديقه ذات مرة، وأصر على أن يهديها له، وأخيرًا حدث
للحسن بن
هانئ، ما لم يكن
يتوقعه هو ولا أصدقاؤه
.
لقد وقع في الحب،
الحب من أول نظرة كما يحدث لشاب غرير في بداية الصبا وليس لديه أية تجارب في الحياة .
ويقول لنا صاحب
الأغانى : إن أبا نواس لم يصدق في حب امرأة غيرها .
وكان أول كلفه بها
أنها مرت، وهو جالس مع فتيان من أهلها يتنزهون وينشدهم، فأبرزت عن وجه بارع الجمال، فجعل ينظر إليها، وأنشأ يقول :
إني صرفت الهوى إلى
قمر ** لم تبتذله العيون بالنظر
إذا تأملته تعاظمك
إلا ** قرار في أنه من البشر
ثم يعود الإنكار
معرفة ** منك إذا قسته إلى الصور
وشغف بها حبا وهام
بها، وقال فيها أشعار كثيرة وشكا وجده بحبها وهو لا يعرفها، وسأل عنها فلم يقع على خبر منها بعد اليوم الذي رآها
فيه.
:
وتناقل أهل البصرة
شكايته من حبها وشعره فيها، وأكثروا ذكره في كل محفل وجمع
.
فمن هي تلك المرأة
التي فعلت ذلك بأبي نواس شاعر الخمرة.
تلك كنت جنان جارية
آل عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي المحدث ويصفها أبو الفرج قائلا : " كانت جنان حلوة، جميلة المنظر، بديعة
الحسن، أديبة عاقلة ظريفة،
تعرف الأخبار وتروي الأشعار، وكانت مقدودة حسنة القوام " .
تلك إذن صفات المرأة
التي لابد وأن تخلب لب الرجل مهما كان فاسقا أو منحرفا.
ويستوقفنا وصف
الأصفهاني لجنان بأنها كانت أديبة تعرف الأخبار وتروي الأشعار ، أي أنها لم تكن مجرد وجه مليح وقوام معتدل، بل كانت
ذات ثقافة
وموهبة.
ولم تكن امرأة مثل
أغلب جواري ذلك الزمان، بل كانت تفضل صحبة النساء على الرجال، وكانت حريصة على أداء فرائض دينها .
وقد بلغ أبا نواس
يوما أن معشوقته جنان قد عزمت على الحج.
فقال : أما والله ما
يفوتني الحج والمسير معها عامي هذا، إن أقامت على عزيمتها، فظُن مازحا، ولكنه لم يكن يمزح بدليل أنه سبقها إلى
الخروج
.ههههههههه
سبحان الله مغير
الأحوال.
جنان إذن كانت قادرة
على أن تُقوِّم اعوجاج الشاعر الكبير، وأن تعيده إلى الصراط المستقيم فقد ذهب فعلا إلى الحج، وأحرم، ويقول الذين
شاهدوه بالحج،
أنه جعل ينشد الشعر،
ويطرب في صوته بالليل حتى فتن به كل من سمعه.
يقول :
إلهنا ما أعدلك **
مليك كل من ملك
لبيك قد لبيت لك **
لبيك إن الحمد لك
والملك لا شريك لك
** ما خاب عبد ساءلك
أنت له حيث سلك **
لولاك يا رب هلك
ولكن الناس لم تصدق
أن أبا نواس يمكن أن يتوب عن آثامه الكثيرة بسبب حبه لامرأة.
أما جنان نفسها فلم
تكترث بحب أبي نواس لها وافتتانه بها، ولم تتحرك في قلبها أية عاطفة تجاهه، على الرغم من كل تلك الأشعار التي كان
أبو نواس
يعبر فيها عن حبه
العميق لها، وكانت جنان تسخر من أبي نواس، حتى أنها خرجت ذات يوم هي وصاحبة لها حتى التقيا بأبي نواس، فلما رآها كاد أن
يذهب عقله
وتحير وراح يدبر
ويقبل، أي أنه تصرف كتلميذ مراهق التقى مصادفة بمن يحب، وراحت صاحبة جنان تمازحه وتقول له : اجعلنى رسولاً إليها، فلعل
الله أن يمن
علي وعليك ، فلما
بلغ ذلك جنان غضبت من صاحبتها ، وقالت لها : مثل هذا ** ممنوع ** تطمعينه في
!
وكان أبو نواس يعلم
أن جنان تحتقره وتسبه فقد تقرب من الثقفيين الذين كانت تنتمي إليهم وأصبح يزورها ويتحين الفرص ليبعث إليها بالرسائل
التي تفيض حبا
ووجدا، فكانت تسبه
أمام من يرسلهم إليها، وتقول إنه كذاب.
يقول :
وما صدقت ولا رد
عليها ** ولكن الملول هو النكوث
ولي قلب يناز عنى
إليها ** وشوق بين أضلاعى حثيث
رأت كلفي بها ودوام
عهدي ** فملتني كذا كان الحديث
شكته جنان يوما إلى
مولاها، وشتمته فذكر له ذلك
.
فقال : من سبني من
ثقيف فإنني لن أسبه.
فكان ذلك مما عطفها
ورقق قلبها، وكان أول الأسباب إلى وصلها .
ويبدو أن أبا نواس
كان يتخيل كل ذلك وأن جنانا قد رضيت عنه وقبلت أن تلتقي به، وأن قلبها لان له وأصبحت تحبه، ويتخيل أنه كان يغضب منها
ويهجرها ويقول
أنها أرسلت إليه
رسولا لتصالحه، فرده ولم يصالحها، ثم رآها في النوم تطلب صلحه، ويقول عن ذلك
:
دست له طيفها كيما
تصالحه ** في النوم حين تأبى الصلح يقظانا
فلم يجد عند طيفي
طيفها فرجا ** ولا رثى لتشكيه ولا لانا
حسبت أن خيالي لا
يكون كما ** أكون من أجله غضبانا
فكيف يستقيم هذا
الادعاء مع ما ذكره هو عدة مرات من أنها كانت تشتمه كلما تحدث أحد عنه، وكانت تلقبه ب** ممنوع ** والكذاب والكثير من الألقاب
السيئة،
وتشكوه لمولاها وهو
نفسه يقول ذلك.
فما كلامه السابق
إلا حلما من احلام اليقظة
يقول أبو نواس :
وبأبي من إذا ذكرت
له ** وطول وجدي به تنقصني
لو سألوه عن وجه
حجته ** في سبه لي لقال يعشقني
نعم إلى الحشر
والتناد نعم ** أعشقه أو ألف في كفني
لا أنثني ويك عن
محبته ** ما دام روحي مصاحبا بدني
أصيح جهرا لا أستسر
به ** عنفني فيه من يعنفنى
يا معشر الناس
فاسمعوه وعوا ** أن جنانا صديقة الحسن
وكانت نتيجة هذا
الكلام أن أهل جنان حجبوا جاريتهم عن أبي نواس، وأرسلوها إلى دار لهم في بلدة أخرى تدعى حكمان لكي ينساها، فكان يقصد
الجبل بالبصرة
فيسأل كل من أقبل من
تلك الناحية وينشد
:
اسـأل القادمين من
حكمان ** كيف خلفتما أبا عثمان
وأبا مية المهذب
والما ** مول والمرتجى لريب الزمان
فيقولان لي جنان كما
سر ** ك في حالها فسل عن جنان
مالهم لا يبارك الله
فيهم ** كيف لم يغن عندهم كتمانى
صرت كالسئن يشرب
الماء فيما ** قال كسرى بعلة الريحان
أو كما قيل قبل إياك
أعني ** واسمعوا يا معاشر الجيران
فهو يتظاهر بالسؤال
عن رجال آل ثقيف ولكن الكل يعلم أنه لا يعنيه إلا جنان، وقد بلغ ذلك الخبر مولاة جنان فبعثت إليه وقال له : إن أردت
وهبتها لك
.
ولكن جنان مانعت في
الزواج منه، واشترطت عليه ألا يعود إلى شذوذه، ولم يستطع هو أن يعدها بذلك .

وكانت نهايتهما التي
لا نعلم منها إلا هذه


قصة عنتر وعبلة

نشأ عنترة العبسي من أب عربى هو عمرو بن شداد، وكان سيدا من سادات قبيلته،
وأم أجنبية هى الأمة السوداء الحبشية زبيبة وكان أبوه قد سباها فى بعض
غزواته . واكتسب عنترة السواد من أمه، ورفض أبوه الاعتراف به، فاتخذ مكانه
بين طبقة العبيد فى القبيلة، خضوعاً لتقاليد المجتمع الجاهلى التى تقضى
بإقصاء أولاد الإماء عن سلسلة النسب الذهبية التى كان العرب يحرصون على أن
يظل لها نقاؤها، وعلى أن يكون جميع أفرادها ممن يجمعون الشرف من كلا طرفيه :
الآباء والأمهات، إلا إذا أبدى أحد هؤلاء الهجناء امتيازا أو نجابة فإن
المجتمع الجاهلى لم يكن يرى فى هذه الحالة ما يمنع من إلحاقه بأبيه . وحانت
الفرصة لعنترة فى إحدى غارات طيئ على عبس، فأبدى شجاعة فائقة فى رد
المغيرين، وانتزع بهذا اعتراف أبيه به، واتخذ مكانه في القبيلة كفارس من
فرسان عبس الذين يشار إليهم بالبنان. وسرعان ما نشأ الحب في قلب عنترة
لإبنة عمه عبلة بنت مالك. وصادف أن أحبته هي الأخرى . وبلغ بهما الشوق
مبلغه فصارا عاشقين . وتقدم عنترة إلى عمه يخطب إليه ابنته، لكن لون بشرته
السوداء ونسبه وقف مرة أخرى فى طريقه . فقد رفض مالك أن يزوج ابنته من رجل
يجرى فى عروقه دم غير عربى، وأبى كبرياؤه أن يرضى بعبد أسود - مهما تكن
شجاعته وفروسيته - زوجاً لابنته العربية الحرة النقية الدم الخالصة النسب .
وحتى يصرفه عنها ويشعره بقلة الحيلة والعجز عن دفع مهرها ، طلب منه أن
يدفع لها مهراً ألف ناقة حمراء من نوق الملك النعمان المعروفة بالعصافير .
ولم ييأس عنترة المحب الواثق من قدرته على سداد مهر حبيبته ومهجة قلبه عبلة
، فخرج فى طلب عصافير النعمان حتى يظفر بمعشوقته . لكن المهمة لم تكن سهلة
أي حال من الأحوال . فقد كانت الطريق شاقة . واعترضته العواصف وأغرقته
رمال بحر الرمال العظيم في الربع الخالي بجزيرة العرب بعد أن ضل الطريق ،
ولقى فى سبيل مهر عبلة أهوالاً عظيمة ، ووقع فى الأسر، وأبدى فى سبيل
الخلاص منه بطولات خارقة

وأخيراً .. تحقق حلمه، وعاد إلى قبيلته ومعه مهر عبلة ألفاً من عصافير
الملك النعمان . فهل رضي به أبوها ؟ وهل وفَّى له بعهده بأن يزوجه عبلة إن
دفع مهرها ألفاً من نوق النعمان ؟ بالطبع لا .. فقد بقي عمُّه يماطله ،
ويسوف زواجه منها ، ويكلفه من أمره شططا . بل وصل به الحقد على عنترة أن
فكر فى التخلص منه، فعرض ابنته على فرسان القبائل على أن يكون المهر رأس
عنترة . أما عنترة الذي كان أقوى فتيان العرب وأكثرهم شجاعة وإقداماً ،
حاربهم واجتهد في الإنتصار عليهم ، لكن كما يقول المثل العربي : الكثرة
غلبت الشجاعة ، خسر عنترة المواجهة . وأورثه ذلك همَّاً كبيراً وكمداً
لثلاثة أسباب . الأول حبه الشديد لعبلة وهيامه بها للدرجة التي جعلته يتحدى
من أجلها كل الأهوال والمصاعب . والثاني انتماؤه القوي لقبيلته ودفاعه
المستميت عنها في أعتى الشدائد لكن قبيلته لم تحفظ له الجميل بل سحقته
بالهمِّ وأعيته بالكرب العظيم وأخيراً تآمروا عليه . أما السبب الثالث فهو
حظه التعيس الذي جعل والده يتنصل من نسبه وحرمه من شرف ناله غيره بسهولة
فضلاً عن بشرته السوداء التي حالت بينه وبين زواجه ممن أحبها . وتحكي
الأسطورة الشعبية أن عنترة قضى حياته راهبا متبتلا فى محراب حبها ، يغنى
لها ويتغنى بها، ويمزج بين بطولته وحبه مزاجا رائعاً جميلاً . وهو يصرح فى
بعض شعره بأنها تزوجت، وأن زوجها فارس عربى ضخم أبيض اللون، يقول لها فى
إحدى قصائده الموثوق بها التى يرويها الأًصمعى الثقة
إما ترينى قد نحلت ومن يكن —– غرضاً لأطراف الأنة ينحل
فلرب أبلج مثل بعلك بادن —– ضخم على ظهر الجواد مهبل
غادرته متعفرا أوصاله —– والقوم بين مجرح ومجدل
والثابت أن عبلة تزوجت من غير عنترة بعد ذلك الكفاح الطويل الذى قام به من
أجلها . وأبى القدر أن يحقق للعاشقين حلمهما الذى طالما عاشا فيه. وعاش
عنترة بعد ذلك عمراً طويلا يتذكر حبه القديم، ويحن إلى أيامه الخالية،
ويشكو حرمانه الذى فرضته عليه أوضاع الحياة وتقاليد المجتمع . وقد طوى قلبه
على أحزانه ويأسه، وذرَّ الرَّماد على جمرة العشق المتقدة بين جوانحه،
محاولاً أن يمحو ذكرياتها من فؤاده ، لكن الجمرة سرعان ما تطل من بين
الرماد لتعلن أنها لازالت تتأجج تشتعل .. فالجمرة التى لم تنطفئ جذوتها من
تحته، حتى ودع الحياة، وغلبه هازم اللذات ومفرق الجماعات


قصة الحب الخالد ( قصة قيس وليلى)
قصة قيس بن الملوح المجنون بحب ليلى العامرية.
ولادته ونشأته ودياره:
مجنون ليلى هو قيس بن الملوح بن مزاحم بن عدس بن ربيعه بن جعده بن كعب من
بلاد نجد من قبيلة بني عامر ولد في سنة (440) في عهد خلافة عبدالملك بن
مروان من خلفاء بني أميه ونشأ قيس مترعرعا فطنا ذكيا وورث عن أبيه شعر
العرب وأخبارهم وعلّمه أبوه ببلدة اسمها القطيف قرب ديار نجد فتفوق في
الأدب ومعرفة النجوم للسير ليلا فكان رجلا رزينا دمث الأخلاق محبا للمكارم ,
ومن الدليل أن اسمه قيس هو قول صاحبته ليلى فيه:
ألا ليت شعري والخطوب كثيرة متى رحل قيس مستقل وراجع
وكان مديد القامة, جعد الشعر أبيض اللون ولم ينله الهزال والجنون إلا من
العشق والهيام.
أما صاحبته فهي ليلى بنت مهدي بن سعد بن ربيعة ابن الحريش بن
كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وتكنى أم مالك وقد قال قيس فيها :
تكاد بلاد الله يا أم مالك بما رحبت يوما عليّ تضيق
وهي ابنة عم قيس وكانت سكناهما في بلدة اسمها النجوع قرب ديار
نجد ولدت سنة اربعمائة واربعة واربعين هجرية وكان قيس اكبر منها بأربعة
اعوام وكانت بيضاء اللون ولها عينان ساحرتان بشكل جذاب
معتدلة القوام وكانت هي وقيس صبيان يجمع بينهما القرابة والرحم فعلق كل
واحد منهما صاحبه . وكانا يرعيان مواشي اهلهما ولم يزالا على تلك الحاله
حتى كبر كل منهما , فحجبت عنه ليلى فجن جنونه بها , وازداد شغفه بحبها وضاق
صدره وأنشد قائلا:
تعلقت ليلى وهي ذات ذؤابة ولم يبد للاتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم ياليت أننا إلا اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
قيل ومر وقت طويل لم يرى فيه ليلى وذلك من يوم أن حجبت عنه, وجرى عليه مالم
يجري على قلب بشر , وهو يكابد ألم الفراق ولما اشتد به ذلك خرج من داره
وركب ناقته , وكان عليه حلتان من حلل الملوك الفاخرة فمرّ بإمرأة من قومه
يقال لها كريمة , وكان عندها نسوة يتحدثن فأعجبهم حسنه وجماله فدعونه
للنزول والحديث معه , فنزل وكانت ليلى بين تلك النسوة فجعل يحادثهن ويقلب
طرفه حولهن فبينما هو كذلك إذ وقعت عينه على ليلى فلم يصرف عنها طرفا
وشاغلته عنها فلم يشتغل وأنشد لها الشعر:
سحرتني ليلى بسواد عينها إنما السحر في سواد العيون
فلما سمعت ليلى شعره ذرفت عيناها بالدموع وكانت تخفي دموعها بطرف قناعها,
فعلم قيس ما عندها له من الحب وجاء إلى ليلى وقال لها: اعندكن ما تأكلن ؟
فقالت له ليلى : لا. فعمد على ناقته فنحرها وقطعها. فقامت ليلى لتمسك معه
اللحم فجعل يحز بالمدية في كفه وهو شاخص فيها حتى اعرّق كفه فجذبته من يده ,
فقام قيس وطرح من اللحم شيئا على الغضا وأقبل يحادثها فقالت له : انظر إلى
اللحم هل استوى؟ فمدّ يده الى الجمر وجعل يقلب بها اللحم فاحترقت يده ولم
يشعر فلما ماعلمت ما داخله من الحب صرفته عن ذلك ثم شدت يده بهدب قناعها
وقد ذهب عقله وتحكم عشقهامن قلبه .
فاقام معهن بياض ذلك اليوم الى أن أقبل المساء فبينما هم على ذلك إذ أقبل
عليهن غلام شاب جميل الطلعة مليح الوجه له عينان ساحرتان وفوق خده خال أسود
وهو من حيهن يدعى منازل وكان يسوق غنما له فلما رأته تلك النسوة وما هو
فيه من الجمال انصرفن اليه وأقبلن بوجوههن عليه يقلن له كيف ظللت يا منازل
وكانت ليلى أيضا ممن انصرفن ,وتركن قيس فاغتاظ غيظا شديدا وقال لمنازل :
هلّم نتصارع أو تتركهن؟ فنظر الفتى لوجه قيس وعلم ما حل به من الغيظ فخجل
واستحى ثم ترك النسوة ورحل. قال الراوي لما رأت ليلى قيسا قام غاضبا علمت
انه تكدّر من ذلك صاحت به واستدعته للمحادثة معها وكان قد داخلها الحب
فقالت : هل لك في محادثة من لا يصرفه عنك صارف ؟ قال: ومن لي بذلك؟
وتحدثا إلى ان افترقا وذهب كل منهم إلى بيته واشتعل قلب كل واحد منهما بحب
الآخروالتهبت قلوبهم بنار الغرام .وفي الصباح انتظرت قيسا لعله يمر عليها
فبينما هي كذلك إذ أقبل قيس على ناقة حمراء وعليه حلة فاخرة فسلم ودعته
للنزول وأرادت أن تعلم إن كان يحبها فاشتغلت تتحدث مع غيره من الجواري
والتهت بهن فنظرت إلى قيس وقد امتقع لونه فأنشدت ليلى :
كلانا مظهر للناس بغضا وكل عند صاحبه مكين
تبلغنا العيون بما اردنا وفي القلبين ثم هوى دفين
فطب نفسا وقر عينـــــا فإن هواك في قلبي معين
فعندما سمع قولها شهق شهقة شديدة وخر مغشيا عليه فلما أفاق أنشد :
أحبك حبا لو تحبين مثله أصابك من وجدي عليّ جنونٍ
فيا نفس صبرا لاتكوني لجوجة فما قد قضى الرحمن فهو يكون
فتمكن حب كل واحد منهما في قلب صاحبه ثم مكثا مجتمعين إلى المساء فانصرف كل
إلى بيته.
قال الراوي: فبات قيس تلك الليلة كأطول ليلة في حياته وحتى إذا صبح الصباح
ذهب إليها وعاد في المساء فبات ليلته أطول من السابقة ولم ينم فانشد:
نهاري نهار الناس حتى إذا بدا لي الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ويجمعني الهم بالليل جامع
لقد ثبتت في القلب منك محبة كما ثبتت في الراحتين الأصابع
فكان يأتيها كل يوم وذات يوم جاء قوم من العشيرة يريدون أدما فأمر أبو ليلى
ليلى أن تحضر السمن فاستبطأها وعندما ذهب وجدها مع قيس يشكوان الغرام ولما
سمع شعر قيس استعظم الأمر ولطم ليلى على خدها وأدخلها الدار وطرد قيسا
ومنعها الزيارة في الليل والنهار خوفا من الفضيحة والعار.
قال : وقد تسامع أهل الحيّ بعشق قيس لليلى ومنع ابوها قيس من زيارتهم وقال
له الناس ليس لك ان تدخل بيت ليلى بعد هذا فلما سمع قولهم بكى وقال: إن
الذي بي ليس بهين فأقلوا من كلامكم فإني لست بسامع ولا مطيع فوصل كلامه
لوالد ليلى وشكاه إلى الخليفة عبدالملك بن مروان فكتب عبدالملك إلى عامله
بإهدار دم قيس إن هو زار ليلى وتحسر قيس وقال:
فإن يحجبوها أو يحل دون وصلها مقالة واش أو وعيد أمير
فلن يمنعوا عيني من دائم البكا ولم يذهبوا ما قد أجن ضميري
فلما يئس قيس من زيارة ليلى خرج هائما في القفار حتى أشرف على الهلاك فلحقه
أهله فدعوه فلم يستجب لهم وعندما علمت ليلى بحاله أشفقت عليه وأمرت
جاريتها أن تذهب لقيس وتواسيه وترثي حال ليلى إليه . فضعف جسمه وقيل أن قيس
بن ذريح مجنون لبنى سمع به وأراد لقائه فلما رآه عرفه وسلم عليه فلم يرد
فقام إليه فحضنه وتباكيا ساعة من الزمن على ماحلّ بهما من العشق.
ظل هذا حال قيس هائما وباكيا , واشتهر أمرهما بين العرب , فكان قيس يتسلل
إلى ديار ليلى فحذر القوم والده فقال لقيس: إن القوم يريدون قتلك وإني اخاف
عليك يا بني ان يغدر فيك عمك فلا تفجعني فيك ! ولما يئس قيس قلق قلقا
شديدا وأصبح يلعب بالعظام والتراب ولكن والد ليلى أقسم أن قيسا ظل يهجم على
بيوتهم وقد سبق أن شكوه إلى عبدالملك وتوعد بقتله فلم يرعه ذلك وقال قيس :
الموت أروح لي فليتهم قتلوني. فخاف والدها من الفضيحة وارتحلوا فأصبح قيس
يزور آثار ديارها ويستعبر ويبكي, ومرّ وقت طويل لم يسمع عنها شيء فمرض
حتىأشرف على الهلاك ودخل عليه والده يعلله فوجده هائما ينشد في حب ليلى فما
هان حاله على أبيه وأخذ جماعة من قومه يصحبهم قيس إلى ديار ليلى ونزلوا
ضيوفا على أبيها وتحادثا في أمر قيس وليلى ودفع لوالد ليلى خمسين بعيرا
حمراء وراعيها مهرا لليلى فلم يقبل أبوها وجاء في الوقت ذاته قوم من ثقيف
يخطبون ليلى لرجل يدعى ورد وكان جميلا فقال أبوها نخيّرها بين الاثنين ,
ودخل على ليلى وقال لها : إن لم تختاري وردا لأمثلن بك. فاختارته وهي كارهة
ومجبرة فخرج غلى ا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شهدالحياه
مشرفه على قسم الموضه والأزياء وعضوه مميزه فى قسم الدردشه و الحوار العام
مشرفه على قسم الموضه والأزياء وعضوه مميزه فى قسم الدردشه و الحوار العام
شهدالحياه


انثى
عدد الرسائل : 2037
نقاط : 2730
العمر : 48
الدوله : مصر ام الدنيا
تاريخ التسجيل : 01/11/2010
الأوسمه : موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Post2000
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Male_e10

موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ   موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالسبت نوفمبر 27, 2010 10:23 pm

مجموعه قصص رووووووووووووووووووووعه

تسلم ايدك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد حلبي
عضو مميز فى قسم الرياضات الاخرى
عضو مميز فى قسم الرياضات الاخرى
محمد حلبي


ذكر
عدد الرسائل : 162
نقاط : 312
العمر : 71
الدوله : الاسكندرية - مصر
تاريخ التسجيل : 03/11/2010
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Male_e10

موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ   موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ Emptyالأحد نوفمبر 28, 2010 6:30 pm

شهدالحياه كتب:
مجموعه قصص رووووووووووووووووووووعه

تسلم ايدك


908942
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
موسوعة لآشهر قصص الحب العذري في التاريخ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» انتي الحب اومن اجلك الحب ولك انت الحب
» موسوعة الطبخ....في كل يوم وصفة
» موسوعة كاملة لكل ملابس الاطفال

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى انترنت كافيه :: المنتديات الادبيه و العلميه :: قسم الادب و الشعر :: قسم الحب و الرومانسيه-
انتقل الى: