في العيد .. أزياء للصغار تحاكي موضة الكبار رغبة الآباء والأمهات في أن يكون اطفالهم احسن من غيرهم، لا يختلف
عليها اثنان، والخلاف عموما يكون حول النيات والأسباب فقط. ولا يتعلق
الأمر هنا برغبتهم في أن يوفروا لفلذات اكبادهم أحسن تعليم وأحسن فرص، بل
أيضا اجمل مظهر.وتصبح هذه الرغبة أكثر إلحاحا في مناسبات معينة،
مثل العيد، حيث تتخلص فيه الام من كل قيود الميزانية باختيار ازياء المهم
فيها ان تكون مميزة.ولحسن الحظ ان سوق ملابس الأطفال يعرف انتعاشا
مطردا منذ سنوات، مما يعني انه يقدم لها تنوعا كبيرا في التصاميم والأسعار
والجودة وغيرها.وإذا كانت فكرة شراء ملابس موقعة بأسماء كبريات
بيوت الأزياء، أمرا لا يغري أو لا يقدر عليه كثيرون، إلا انه يصبح مقبولا
وممكنا في المناسبات، على الأقل، لأن غريزة الامومة تغلبها وتدفعها لأن
تشتهي كل ما هو أنيق ومميز لاطفالها، حتى ترى الفرحة في عيونهم في يوم
العيد أولا، وحتى تشعر بالفخر والزهو بنفسها واختياراتها وهي تراهم
يختالون امامها متألقين بهذه الازياء، ثانيا.من بيوت الازياء التي
دخلت هذا المجال بقوة، رالف لوران، الذي يطرح فساتين و«تي ـ شيرتات»
كلاسيكية رائعة، إلى جانب سترات من التويد وكنزات من الكشمير، فيما يطرح
كل من مارك جايكوبس ودار «كلوي» نسخا شقية ومرحة مستوحاة من ازياء الكبار،
خصوصا فيما يتعلق بالنقوشات والفنية التي تخلصت من الكشاكش الكثيرة.فبعد
ان كان سوق الموضة يركز سابقا على الأزياء النسائية في المقام الأول ثم
الرجالية، إلا أن قسم الأطفال بدأ ينافس قسم الرجالي، حسب ارقام المبيعات،
خصوصا مع انتعاش سوق المنتجات المترفة وظهور طبقات اجتماعية جديدة، لا
تهمها الأسعار، بقدر ما يهمها التميز، وربما لفت الانظار.فالأم
الآن تريد ان تكون بكامل اناقتها، وإذا كانت هذه الأناقة موقعة من قبل
مصممين عالميين، فهي تريد ان يكون مظهر اطفالها مكملا لها وامتدادا
لمكانتها وذوقها، لا أن يخذلها. إذ لا يعقل ان تلبس قطعا من إيف سان لوران
أو شانيل، مثلا، أو حقيبة من «برادا» وهي تحمل طفلا غير مرتب أو في ملابس
لا تحمل توقيعات مماثلة.وطبعا فإن بيوت الأزياء كلها آذان صاغية،
ورهن الإشارة، حيث بدأت في العقد الأخير تعمل جهدها لتقديم نسخ مصغرة عن
ازياء الكبار لهذه الشريحة، مثل جيورجيو أرماني (جونيور)، أغاثا روز دي لا
برادا، أرماني بايبي، «ديفيلز روبرتو كافالي»، «أينجيلز باي روبرتو
كافالي»، «توتو بيكولو»، «موسكينو» واللائحة طويلة، إلى حد ان قليل من
المصممين الكبار فقط لم يخوضوا هذا المجال بعد.لكن أجمل ما طرح
لهذا العام، فكان من «بيربيري» البريطانية، لأنها فعلا تفتح نفس الكبار
عليها، و«ديور» الفرنسية و«ميس بلومارين» الإيطالية، بتركيزها على
الكلاسيكية المطعمة بروح الطفولة، سواء تعلق الأمر بالفساتين أو المعاطف
والاكسسوارات المختلفة.لكن، كما نعلم، فإن التنوع الكبير يصيب
بالحيرة، وبالتالي فإن اختيار ازياء الصغار لم يعد بالسهولة التي كان
عليها من قبل، حين كانت فساتين بكشاكش باللون الوردي للإناث، وبنطلونات
وكنزات مملة باللون السماوي للذكور، وما عدا ذلك فكماليات فقط. ليس هذا
فقط، بل إن العديد من الأطفال اصبحت لهم شخصيات مختلفة وأكثر وعيا بما
يجري من حولهم، بعد أن اصبحت لهم مجلات موضة متخصصة تتكلم لغتهم، مما نمى
لديهم بعض الاستقلالية، التي تصل أحيانا إلى حد التمرد، وساعدت على تطوير
أذواقهم وتعاملهم مع الموضة ككل.لكن الأهم من هذا، أن عقلية
الأمهات والآباء تغيرت عما كانت عليه في عهد آبائهم واجدادهم، فهم من جهة
أكثر ديموقراطية، كونهم ينتمون إلى جيل تمرد على الاسلوب المحافظ للآباء
في التربية وكل تبعاتها، ومن جهة ثانية ينتمون إلى جيل يولي المظاهر أهمية
كبيرة، وهو ما يبررونه بأنه ضرورة من ضرورات الحياة العصرية. فالمظهر يؤثر
في حياتنا الاجتماعية ومدى نجاحاتنا.وساعد المصممون وبيوت الأزياء
هذه الظاهرة، بإغراق السوق بألوان شهية والكثير من التصميمات التي تحاكي
ازياء الكبار، بخاماتها وألوانها وتصاميمها، بنفس القدر الذي أغرقوا فيه
المجلات بدعاياتهم للصغار.والمقصود بالصغار هنا ما فوق العشر
سنوات، الذين بتنا نراهم في المجمعات يختارون ازياءهم بأنفسهم، أو على
احسن تقدير يناقشون أولياء أمورهم فيما يريدونه أو لا يريدونه. وهي مسألة
لا تنجو منها أي أم أو أب، بل ويمكن اعتبارها طبيعية وصحية، لأنها جزء من
تكوين الطفل.المصممة أليغرا هيكس، المعروفة بأسلوبها المريح الذي
تغلب عليها القفاطين والنقوشات الطبيعية، تقول انها تطلق لطفلتيها العنان
لاختيار ملابسهما بأنفسهما حتى ينميا شخصيتهما، منطلقة من تجربتها الخاصة
كطفلة. فوالدتها الإيطالية ظلت تختار لها ملابسها وتفرض عليها فساتين
انيقة وطفولية بكشاكش وأشرطة إلى ان بلغت الثالثة عشرة من عمرها.
وتقول ان الجو العام الذي شبت فيه كانت تغلب عليه الكلاسيكية
المحافظة، فجدتها كانت فرنسية ووالدتها إيطالية، والاثنتان كانتا تميلان
إلى تايورات بشكل كبير مما أصابها بالتخمة من هذا الاسلوب، وربما كان هو
السبب في أنها تميل إلى الأسلوب الهيبي والمنطلق اكثر.وتشير
إلى أنها تعلمت من تجربتها أن لا تفرض رأيها على صغيرتيها، وتشجعهما على
تنمية اسلوبهما الخاص، بعيدا عن إملاءاتها وما تراه مناسبا أم لا. فرايزر
موس، صاحب الخط الرجالي «واي. إم. سي» له نفس التجربة تقريبا.يقول
انه عندما كان في المدرسة، كان مختلفا عن أقرانه، لان والدته كانت تصر على
حياكة ملابسه بنفسها، وكانت أغلبها على شكل بذلة سافاري أنيقة، لكنه كان
يغبط زميلين له كان مظهرهما اكثر «سبور» يلبسان شورتات وقمصانا بيضاء مع
أحذية مفتوحة باللون البني. كل ما فيهما كان ينطق بالحيوية والحداثة
الأوروبية «وهذا بالضبط ما أتوخاه عندما اختار ملابس طفلي، البالغ من
العمر 5 سنوات.أشعر بالذنب احيانا لأني أفرض عليه ذوقي وما أريد،
وأيضا بعض الخوف، لأني ادرك انه من الضروري فتح المجال امام الأطفال
للاختيار، حتى لا يتمردوا عليك في المستقبل، بمعانقتهم اسلوبا عكسيا».أما
كلير رايت كيلر، المصممة الفنية لدار «برينغل» الاسكتلندية فتقول انها
تستمتع بكل دقيقة وهي تختار ملابس صغيرتيها، لأنهما لا تزالان في سن يسمح
لها بذلك. ولأنهما توأمان، فإنها تلبسهما بشكل متشابه، انطلاقا من قناعتها
بأن الأمر يمنحهما الثقة بالنفس، كما تقول انها تشعر بالسعادة وهي تختار
لهما فساتين بكشاكش وأشرطة ملونة، انثوية وطفولية في الوقت ذاته، وقلما
تلبسهما بنطلونات.تجدر الإشارة إلى انها صممت تشكيلة خاصة بالصغار في العام الماضي ستطرح في شهر اكتوبر المقبل في الاسواق.