الأحلام ممنوعة..؟

الأحلام ممنوعة..؟

ـــ في الصباح الباكر، نهض من نومه، كعادته، وأدى كل الفرائض
الدينية..وأتم بعض أشغال عمله التي تستلزم الانجاز قبل طلوع
الفجر..وأحيانا قبل شروق الشمس..وصادف سيده بالباب، حاملا في يده حافظة
ملابسه، ومحفظة وثائقه باليد اليسرى..وحياه تحية الصباح..ولم ينتظر منه
ردها..لقد الف عدم سماعها منه ..اقتفى أثره كعادته لغاية السيارة ..لم
يسلمه محفظة ملا بسه..لم يكلمه ولوببنت شفة..في حين هو كانت كلمات عالقة
بلسانه..تتزاحم على شفتيه تريد أن تخرج رغماعلى انفه..لكنه كان
يحبسها..كان يخشى أن يبوح بها له..ثم ينهره بكلام بذيئ..ويعتبرها منه
أفكارا وتخيلات واهية من واحد احمق أو ابله..
بقي ينظر اليه . ويحدث نفسه ، بانه لم يسبق له أن أفتى رأيا على سيده..بل
هو الذي كان يتلقى منه الأوامر والتعليمات والارشادات والنصح والتنبيه
الخ..وينفذها دون روية أو تفكير..لان سيده رجل مثقف وفكره ثاقب ولم يسبق
له أن قال شيئا ولم يحدث ..أو لم ينفذ سواء من طرفه او من طرف ابنائه
وزوجته ..فكلمته في المنزل هي العليا ..لاتنزل الى الأرض ابدا..
كان ينفذ اوامره من دون روية ولاتفكير ..ومن غير أن يسال عن الأسباب
والدوافع ..ولوكانت في نظره مخطئة..أولايحبذها قط..لكنه كان يقوم بانجازها
على مضض..شاتما نفسه وحالته..والزمن..والدوافع..بكلمات مهمهمة..لايسمعها
احد.لأنه كان يرددها في نفسه، وهو منحني الرأس والظهر منهمكا في انجاز ما
أمر به ، او في طريقه اليه.
منذ عشرات السنين، وهو يعمل بهذا البيت كحارس ليلي..نهاري..بستاني..
خادم البيت..يعمل كل لوازمه الخارجية والداخلية..انه حمار الاشغال الشاقة
..الحمار الصبور، الذي لايتأفق من سيده ، أو من عمله، أو من أي أحد له صلة
به أو باصحاب البيت..ولم يبد يوما تقززه أمام أي أحد..أو من مهمته التي
كلف بها ..بل كان يقول دائما : حاضر سيدي..حاضر للا.. نعم سيدي..حالا يا
سيدتي..
كان لايعرف كلمة: لا..ولم يتعلمها..ولايترك لسانه أن ينطق بها أو
يرددها..حتى اشتهر لدى كل أفراد العائلة التي يشتغل عندها.أو من يعرفه/
بالتحمل والصبر على المتاعب..وانجاز الخدمات كيفما كان نوعها .باعتباره
مسؤول عن خدمات البيت كله بما فيه..؟
لم يسأله أحد قط عن رأيه، ولم يترك له سيده يوما ما فرصة للتحدث معه في خصوصياته، او التدخل في شؤونه، أو يعرف ما يدور بخلده..
عيناه لايعرف سيده لونهما ..حيث كان يطاطئ رأسه كلما وقف أمامه أو قربه أو
خلفه..كما انه لم يستطع فتح عينيه كلها لالتصاق جفنيه بشيء أشبه
بالقرى..بالقيح..مما يجعله كليل البصر ..؟
وبينما كان واقفا بقرب سيده ..سقط من هذا الأخير قطعة نقد، فأمره في الحين
بالتقاطها وتسليمها اليه وسط البساط الأخضر من النجم"الكازو "وكانت بجانب
قدميه ولكنه لم يراها وظل يبحث عنها وبدا كأنه يشم الأرض ككلب صغير يبحث
عن رائحة بول كلب أخر مثله ليتبول عليها..ضاق سيده ذرعا ..حيث لم يجدها
نظرا لضعف بصره..فتأفف منه وانحنى والتقطها بنفسه ثم ركله برجله و شاتما
اياه بابشع الشتائم..لكنه لم يغضب منه ومن شتائمه بل ابتسم في وجهه كانه
كان يمدحه..ولما مد سيده يده ليسلمها اليه ..مد هو يده على غير هدى
..وبقيت يداهما متوازيتين ..فاكتشف سيده منذ تلك اللحظة انهكليل البصر
وأمره أن ينظر اليه ويحذق فيه..فرأى عينيه مريضتين..فأمره بالاتصال بمصلحة
أمراض العيون عند
ابنه الذي يعمل طبيبا اختصاصيا في أمراض العيون ..ليداويه ..
ومنذ ذلك الوقت وسيده يخشى العدوى منه ..أمره الا يقترب منه ابدا..بل
يبتعد عنه حين يطلبه..كما أمره الا يدخل الى المنزل..ولا يسلم على
سيدته..ولايقترب من الأطفال..او أي واحد من الزوار او أفراد العائلة..
كان يقول له ذلك وهو في حالة غضب شديد ..ويرد عليه وهو مطاطئ الرأس..نعم سيدي..نعم سيدي..
فقال له ألاتعرف سوى هذ ه الكلمات..أليس لك غيرها.فرد عليه نعم سيدي..
فقال له أتعرف لماذا أمرتك بماسمعت..فقال له نعم سيدي..
فضحك منه وقال ياغبي..انك بؤرة الأمراض المعدية..ان الكلام معك حرام..تم تركه وانصرف..
كان ذلك اليو مشؤوما عنده..ولذلك فهو يخشى الاقتراب منه ومحادثته ..فكيف
له اليوم أن يقول له ما يدور في رأسه..لكنه تذكر ..حين قال له اذا اردت
التحدث معي ..لاتواجهني ..بل حدثني من الخلف ..لا أريد أن أراك ولا أريد
أن ترى عيني عينك..لذلك حين يستدعيه يمشي خلفه الى السيارة او المرأب لحمل
شيء أو لنقل أشياء منهما..
تذكر كل هذه المواقف ..وهذه الحالات الشاذة ..وبقي فاغرا فاه كسمة في الماء..
حتى غرف في يم افكاره . وسمع حنحنة سيده .فاستخلصته من يم هواجسه ..وتذكر رؤياه المتشائمة التي رآها في منامه..
فدفعه حبه لسيده ، واحترامه وتقديره له بأن يخبره بها ..فغلبت عليه
عواطفه..واندفع بحماس نحو سيده وساله قائلا : هل ستسافر ياسيدي هذا
الصباح..
فأجابه بغضب ..ولماذا تسألني..؟ فرد عليه ..ارجوك سيدى لاتواخذني..أريد ان أطلب منك شيئا..
فرد عليه أتريد مالا..؟ فقال له لا ياسيدي..
رد عليه وما ذاتريد في هذا الصباح..؟ألم أحذرك أن لاتتجاوز حدودك؟..فرد عليه نعم ياسيدي ولكن..
ولكن ماذا؟

أريدك أن تعدل عن سفرك..ثم انحني يقبل يديه ويبكي ويقول من فضلك ياسيدي
لاتسافر هذا الصباح..ثم نفض يده من يده وركله برجله وقال له هل جننت؟ أم
ماذا ؟
ثم راح يتوسل اليه بانتحاب ان يسمع منه ولومرة واحدة ويتراجع عن فكرة السفر..
استغرب سيده من توسلاته وبكائه واستعطافه ..واستفسره بكلام جاف غليظ ، وأمره بأن يقنعه..؟

فأخبره بانه رآى في منامه ان الطيارة التي سيسافر على متنها ستنفجر بعد
التحليق بزمن قصير..وخوفا من أن يصاب بشر أو هلاك رجاه ان يغير موعد
سفره..؟
فكر سيده طويلا فيما سمعه من حارسه ..وسولت له نفسه أن يرجئ سفره ..
لكنه لم يخبره بالامر..بل توجه الى سيارته ثم استقلها وغادر المرأب دون أن يقول له بأنه سيرجئ سفره..
وعندما غادر توجه توا الى مقهى قريب من مسكنه .وتناول فيها فنجانا من
القهوة وحلس يراجع بعض حساباته التي انجزها بالليل..والتي كان سيراجعها في
فترة سفره متن الطائرة..
وبينما هو منهمك في ذلك اذ سمع في مذياع المقهى نبأ عاجل..ثم وضع قلمه على
الطاولة وانتبه بكل حواسه الى سماع الخبر..قبل النشرة الصباحية..
فسمع بان الطائرة التي كانت ستتوجه الى مدينة "...."قد تحطمت بعد اقلاعها فوق ساحة المطار وتوفي كل ركابها..ولم ينج احد..
في الحين جمع وثائقه ، وعاد الى البيت وهو يرتعد ..
وعندما وصل استغربت زوجته وسألته عن اسابا عودته ؟ وهل هناك شيء حدث
له..لانه كان غاضبا ويرتجف ..فقال لها استدعي الحارس فورا وستعرفين..
استدعيه من فضلك..

فهرولت واستدعته من الجنينة بصوت مرتفع ومرتعش..فقالت له تكلم لسيدك في
الحال..فجاء مهرولا ودخل الى بهو المنزل فوجد سيده واقفا وسطه وهو يمشي
جيئة وايابا ..
فارتعد الحارس..ولم يستطع من شدة الجزع والخوف ان يقول له نعم ياسيدى
ماذات تريد..؟ حتى باغته سيده بكلام أجش وغليظ ومنفعل قائلا له/ ارحل من
المنزل..
ولا أريد أن أراك بعد اليوم هنا.ثم رمى له ظرفا قائلا له هذه اجرتك وفوقها كلما تستحقه، دون أن يلتفت اليه ..
فقال له لماذا ياسيدي..؟
فقاطعه قائلاله/ رؤياك صادقة أيها النذل..رؤياك صادقة..
ثم أغلق الباب خلفه دون أن يخبره عن اسباب طرده..؟

تسلم على القصه الرائعه وجزاك الله الـــــــــــــــــــــــــف الــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف الـــــــــــــــــــــــــــــــــف خير__________________