إبراهيم عليه السلامهو خليل الله، اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير من خلقه، كان إبراهيم
يعيش في قوم يعبدون الكواكب، فلم يكن يرضيه ذلك، وأحس بفطرته أن هناك إلها
أعظم حتى هداه الله واصطفاه برسالته، وأخذ إبراهيم يدعو قومه لوحدانية
الله وعبادته ولكنهم كذبوه وحاولوا إحراقه فأنجاه الله من بين أيديهم، جعل
الله الأنبياء من نسل إبراهيم فولد له إسماعيل وإسحاق، قام إبراهيم ببناء
الكعبة مع إسماعيل.
منزلة إبراهيم عليه السلامهو أحد أولي العزم الخمسة الكبار الذين اخذ الله منهم ميثاقا
غليظا، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد.. بترتيب بعثهم. وهو النبي
الذي ابتلاه الله ببلاء مبين. بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصاب. ورغم
حدة الشدة، وعنت البلاء.. كان إبراهيم هو العبد الذي وفى. وزاد على الوفاء
بالإحسان.وقد كرم الله تبارك وتعالى إبراهيم تكريما خاصا، فجعل
ملته هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب. وجعل العقل في جانب الذين
يتبعون دينه.وكان من فضل الله على إبراهيم أن جعله الله إماما
للناس. وجعل في ذريته النبوة والكتاب. فكل الأنبياء من بعد إبراهيم هم من
نسله فهم أولاده وأحفاده. حتى إذا جاء آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه
وسلم، جاء تحقيقا واستجابة لدعوة إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في
الأميين رسولا منهم.ولو مضينا نبحث في فضل إبراهيم وتكريم الله له
فسوف نمتلئ بالدهشة. نحن أمام بشر جاء ربه بقلب سليم. إنسان لم يكد الله
يقول له أسلم حتى قال أسلمت لرب العالمين. نبي هو أول من سمانا المسلمين.
نبي كان جدا وأبا لكل أنبياء الله الذين جاءوا بعده. نبي هادئ متسامح حليم
أواه منيب.يذكر لنا ربنا ذو الجلال والإكرام أمرا آخر أفضل من كل
ما سبق. فيقول الله عز وجل في محكم آياته: {وَاتَّخَذَ اللّهُ
إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} لم يرد في كتاب الله ذكر لنبي، اتخذه الله خليلا
غير إبراهيم. قال العلماء: الخُلَّة هي شدة المحبة. وبذلك تعني الآية:
واتخذ الله إبراهيم حبيبا. فوق هذه القمة الشامخة يجلس إبراهيم عليه
الصلاة والسلام. إن منتهى أمل السالكين، وغاية هدف المحققين
والعارفين بالله.. أن يحبوا الله عز وجل. أما أن يحلم أحدهم أن يحبه الله،
أن يفرده بالحب، أن يختصه بالخُلَّة وهي شدة المحبة.. فذلك شيء وراء آفاق
التصور. كان إبراهيم هو هذا العبد الرباني الذي استحق أن يتخذه الله خليلا.
حال المشركين قبل بعثة إبراهيملا يتحدث القرآن عن ميلاده أو طفولته، ولا يتوقف عند عصره صراحة،
ولكنه يرسم صورة لجو الحياة في أيامه، فتدب الحياة في عصره، وترى الناس قد
انقسموا ثلاث فئات:- فئة تعبد الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية.
- وفئة تعبد الكواكب والنجوم والشمس والقمر.
- وفئة تعبد الملوك والحكام.
نشأة إبراهيم عليه السلام وفي هذا الجو ولد إبراهيم. ولد في أسرة من أسر ذلك الزمان البعيد.
لم يكن رب الأسرة كافرا عاديا من عبدة الأصنام، كان كافرا متميزا يصنع
بيديه تماثيل الآلهة. وقيل أن أباه مات قبل ولادته فرباه عمه، وكان
له بمثابة الأب، وكان إبراهيم يدعوه بلفظ الأبوة، وقيل أن أباه لم يمت
وكان آزر هو والده حقا، وقيل أن آزر اسم صنم اشتهر أبوه بصناعته.. ومهما
يكن من أمر فقد ولد إبراهيم في هذه الأسرة.رب الأسرة أعظم نحات
يصنع تماثيل الآلهة. ومهنة الأب تضفي عليه قداسة خاصة في قومه، وتجعل
لأسرته كلها مكانا ممتازا في المجتمع. هي أسرة مرموقة، أسرة من الصفوة
الحاكمة.من هذه الأسرة المقدسة، ولد طفل قدر له أن يقف ضد أسرته
وضد نظام مجتمعه وضد أوهام قومه وضد ظنون الكهنة وضد العروش القائمة وضد
عبدة النجوم والكواكب وضد كل أنواع الشرك باختصار.مرت الأيام..
وكبر إبراهيم.. كان قلبه يمتلأ من طفولته بكراهية صادقة لهذه التماثيل
التي يصنعها والده. لم يكن يفهم كيف يمكن لإنسان عاقل أن يصنع بيديه
تمثالا، ثم يسجد بعد ذلك لما صنع بيديه. لاحظ إبراهيم إن هذه
التماثيل لا تشرب ولا تأكل ولا تتكلم ولا تستطيع أن تعتدل لو قلبها أحد
على جنبها. كيف يتصور الناس أن هذه التماثيل تضر وتنفع؟!
مواجهة عبدة الأصنامخرج إبراهيم على قومه بدعوته. قال بحسم غاضب وغيرة على الحق: {إِذْ
قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ
لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ (53)
قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (54)
قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ
بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ
وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (56)}... (سورة الأنبياء).انتهى
الأمر وبدأ الصراع بين إبراهيم وقومه.. كان أشدهم ذهولا وغضبا هو أباه أو
عمه الذي رباه كأب.. واشتبك الأب والابن في الصراع. فصلت بينهما المبادئ
فاختلفا.. الابن يقف مع الله، والأب يقف مع الباطل. قال الأب لابنه: مصيبتي فيك كبيرة يا إبراهيم.. لقد خذلتني وأسأت إلي. قال
إبراهيم: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ
وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ
الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا
(43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ
لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ
عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)}...
(سورة مريم).انتفض الأب واقفا وهو يرتعش من الغضب. قال لإبراهيم
وهو ثائر إذا لم تتوقف عن دعوتك هذه فسوف أرجمك، سأقتلك ضربا بالحجارة.
هذا جزاء من يقف ضد الآلهة.. اخرج من بيتي.. لا أريد أن أراك.. اخرج. انتهى
الأمر وأسفر الصراع عن طرد إبراهيم من بيته. كما أسفر عن تهديده بالقتل
رميا بالحجارة. رغم ذلك تصرف إبراهيم كابن بار ونبي كريم. خاطب أباه بأدب
الأنبياء. قال لأبيه ردا على الإهانات والتجريح والطرد والتهديد بالقتل:
{قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي
حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا (48)}
(سورة مريم).وخرج إبراهيم من بيت أبيه. هجر قومه وما يعبدون من دون
الله. وقرر في نفسه أمرا. كان يعرف أن هناك احتفالا عظيما يقام على الضفة
الأخرى من النهر، وينصرف الناس جميعا إليه. وانتظر حتى جاء الاحتفال وخلت
المدينة التي يعيش فيها من الناس. وخرج إبراهيم حذرا وهو يقصد
بخطاه المعبد. كانت الشوارع المؤدية إلى المعبد خالية. وكان المعبد نفسه
مهجورا. انتقل كل الناس إلى الاحتفال. دخل إبراهيم المعبد ومعه فأس حادة.
نظر إلى تماثيل الآلهة المنحوتة من الصخر والخشب. نظر إلى الطعام الذي
وضعه الناس أمامها كنذور وهدايا. اقترب إبراهيم من التماثيل
وسألهم: {أَلَا تَأْكُلُونَ} كان يسخر منهم ويعرف أنهم لا يأكلون. وعاد
يسأل التماثيل: {مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ} ثم هوى بفأسه على الآلهة. وتحولت
الآلهة المعبودة إلى قطع صغيرة من الحجارة والأخشاب المهشمة.. إلا كبير
الأصنام فقد تركه إبراهيم {لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ}
فيسألونه كيف وقعت الواقعة وهو حاضر فلم يدفع عن صغار الآلهة! ولعلهم
حينئذ يراجعون القضية كلها، فيرجعون إلى صوابهم.إلا أن قوم إبراهيم
الذين عطّلت الخرافة عقولهم عن التفكير، وغلّ التقليد أفكارهم عن التأمل
والتدبر. لم يسألوا أنفسهم: إن كانت هذه آلهة فكيف وقع لها ما وقع دون أن
تدفع عن أنفسها شيئا؟! وهذا كبيرها كيف لم يدفع عنها؟! وبدلا من ذلك
{قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ}.عندئذ تذكر الذين سمعوا إبراهيم ينكر على أبيه ومن معه عبادة التماثيل، ويتوعدهم أن يكيد لآلهتهم بعد انصرافهم عنها!فأحضروا
إبراهيم عليه السلام، وتجمّع الناس، وسألوه {أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا
بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ}؟ فأجابهم إبراهيم {بَلْ فَعَلَهُ
كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ} والتهكم واضح
في هذا الجواب الساخر. فلا داعي لتسمية هذه كذبة من إبراهيم -عليه السلام-
والبحث عن تعليلها بشتى العلل التي اختلف عليها المفسرون. فالأمر أيسر من
هذا بكثير! إنما أراد أن يقول لهم: إن هذه التماثيل لا تدري من
حطمها إن كنت أنا أم هذا الصنم الكبير الذي لا يملك مثلها حراكا. فهي جماد
لا إدراك له أصلا. وأنتم كذلك مثلها مسلوبو الإدراك لا تميزون بين الجائز
والمستحيل. فلا تعرفون إن كنت أنا الذي حطمتها أم أن هذا التمثال هو الذي
حطمها!ويبدو أن هذا التهكم الساخر قد هزهم هزا، وردهم إلى شيء من
التدبر التفكر: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ
أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64)}.... (سورة الأنبياء).وكانت بادرة خير
أن يستشعروا ما في موقفهم من سخف، وما في عبادتهم لهذه التماثيل من ظلم.
وأن تتفتح بصيرتهم لأول مرة فيتدبروا ذلك السخف الذي يأخذون به أنفسهم،
وذلك الظلم الذي هم فيه سادرون. ولكنها لم تكن إلا ومضة واحدة أعقبها
الظلام، وإلا خفقة واحدة عادت بعدها قلوبهم إلى الخمود: {ثُمَّ نُكِسُوا
عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ (65)} (سورة
الأنبياء).وحقا كانت الأولى رجعة إلى النفوس، وكانت الثانية نكسة
على الرؤوس؛ كما يقول التعبير القرآني المصور العجيب.. كانت الأولى حركة
في النفس للنظر والتدبر. أما الثانية فكانت انقلابا على الرأس فلا عقل ولا
تفكير. وإلا فإن قولهم هذا الأخير هو الحجة عليهم. وأية حجة لإبراهيم أقوى
من أن هؤلاء لا ينطقون؟ومن ثم يجيبهم بعنف وضيق على غير عادته وهو
الصبور الحليم. لأن السخف هنا يجاوز صبر الحليم: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ
مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66)
أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
(67)} (سورة الأنبياء).وهي قولة يظهر فيها ضيق الصدر، وغيظ النفس، والعجب من السخف الذي يتجاوز كل مألوف.عند
ذلك أخذتهم العزة بالإثم كما تأخذ الطغاة دائما حين يفقدون الحجة ويعوزهم
الدليل، فيلجأون إلى القوة الغاشمة والعذاب الغليظ: {قَالُوا حَرِّقُوهُ
وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68)}.. (سورة الأنبياء).
الأمر بذبح إسماعيل عليه السلامكبر إسماعيل.. وتعلق به قلب إبراهيم.. جاءه العقب على كبر فأحبه..
وابتلى الله تعالى إبراهيم بلاء عظيما بسبب هذا الحب. فقد رأى إبراهيم
عليه السلام في المنام أنه يذبح ابنه الوحيد إسماعيل. وإبراهيم يعمل أن
رؤيا الأنبياء وحي. انظر كيف يختبر الله عباده. تأمل أي نوع من
أنواع الاختبار. نحن أمام نبي قلبه أرحم قلب في الأرض. اتسع قلبه لحب الله
وحب من خلق. جاءه ابن على كبر.. وقد طعن هو في السن ولا أمل هناك في أن
ينجب. ثم ها هو ذا يستسلم للنوم فيرى في المنام أنه يذبح ابنه وبكره
ووحيده الذي ليس له غيره. أي نوع من الصراع نشب في نفسه. يخطئ من
يظن أن صراعا لم ينشأ قط. لا يكون بلاء مبينا هذا الموقف الذي يخلو من
الصراع. نشب الصراع في نفس إبراهيم.. صراع أثارته عاطفة الأبوة الحانية.
لكن إبراهيم لم يسأل عن السبب وراء ذبح ابنه. فليس إبراهيم من يسأل ربه عن
أوامره.
فكر إبراهيم في ولده.. ماذا يقول عنه إذا أرقده على الأرض ليذبحه.. الأفضل
أن يقول لولده ليكون ذلك أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قهرا ويذبحه
قهرا. هذا أفضل.. انتهى الأمر وذهب إلى ولده {قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي
أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى}. انظر
إلى تلطفه في إبلاغ ولده، وترك الأمر لينظر فيه الابن بالطاعة.. إن الأمر
مقضي في نظر إبراهيم لأنه وحي من ربه.. فماذا يرى الابن الكريم في ذلك؟
أجاب إسماعيل: هذا أمر يا أبي فبادر بتنفيذه {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا
تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}. تأمل
رد الابن.. إنسان يعرف أنه سيذبح فيمتثل للأمر الإلهي ويقدم المشيئة
ويطمئن والده أنه سيجده {إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}. هو الصبر
على أي حال وعلى كل حال.. وربما استعذب الابن أن يموت ذبحا بأمر من الله..
ها هو ذا إبراهيم يكتشف أن ابنه ينافسه في حب الله. لا نعرف أي مشاعر جاشت
في نفس إبراهيم بعد استسلام ابنه الصابر. ينقلنا الحق نقلة خاطفة
فإذا إسماعيل راقد على الأرض، وجهه في الأرض رحمة به كيلا يرى نفسه وهو
يذبح. وإذا إبراهيم يرفع يده بالسكين.. وإذا أمر الله مطاع. {فَلَمَّا
أَسْلَمَا} استخدم القرآن هذا التعبير.. {فَلَمَّا أَسْلَمَا} هذا هو
الإسلام الحقيقي.. تعطي كل شيء، فلا يتبقى منك شيء.عندئذ فقط.. وفي
اللحظة التي كان السكين فيها يتهيأ لإمضاء أمره.. نادى الله إبراهيم..
انتهى اختباره، وفدى الله إسماعيل بذبح عظيم - وصار اليوم عيدا لقوم لم
يولدوا بعد، هم المسلمون. صارت هذه اللحظات عيدا للمسلمين. عيدا يذكرهم
بمعنى الإسلام الحقيقي الذي كان عليه إبراهيم وإسماعيل.ومضت قصة
إبراهيم. ترك ولده إسماعيل وعاد يضرب في أرض الله داعيا إليه، خليلا له
وحده. ومرت الأيام. كان إبراهيم قد هاجر من أرض الكلدانيين مسقط رأسه في
العراق وعبر الأردن وسكن في أرض كنعان في البادية. ولم يكن إبراهيم ينسى
خلال دعوته إلى الله أن يسأل عن أخبار لوط مع قومه، وكان لوط أول من آمن
به، وقد أثابه الله بأن بعثه نبيا إلى قوم من الفاجرين العصاة.