هل يجوز المسح على مقدم الرأس ثم الحجاب والجوارب عند الوضوء؟ يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبد الله سمك: نعم ، يجوز المسح على مقدم الرأس ثم الحجاب والجوارب ؛ لما روي عَنْ " عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ قَالَ : رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ .
وَعَنْ بِلَالٍ قَالَ : " مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَأَبَا دَاوُد وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " امْسَحُوا عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ"
وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : " تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ .
وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ ، فَذَهَبَ إلَى جَوَازِهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد بْنُ عَلِيٍّ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : إنَّ صَحَّ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِهِ أَقُولُ .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ : وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَنَسٌ ، وَرَوَاهُ ابْنُ رَسْلَانَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَمَكْحُولٍ .
وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ فَلَا طَهَّرَهُ اللَّهُ ، وَرَوَاهُ فِي الْفَتْحِ عَنْ الطَّبَرِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ الْمُنْذِرِ .
وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَحْتَاجُ الْمَاسِحُ عَلَى الْعِمَامَةِ إلَى لُبْسِهَا عَلَى طَهَارَةٍ أَوْ لَا يَحْتَاجُ ؟ فَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : لَا يُمْسَحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ إلَّا مَنْ لَبِسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْخُفَّيْنِ ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ الْبَاقُونَ ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي التَّوْقِيتِ ، فَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ أَيْضًا إنَّ وَقْتَهُ كَوَقْتِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ ، وَالْبَاقُونَ لَمْ يُوَقِّتُوا .
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ : " إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ وَلَمْ يُوَقِّتْ ذَلِكَ بِوَقْتٍ " .
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ كَمَا قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ إلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَسْحِ الْعِمَامَةِ ، وَنَسَبَهُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ إلَى الْكَثِيرِ مِنْ الْعُلَمَاءِ .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يُمْسَحُ عَلَى الْعِمَامَةِ إلَّا أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِهِ مَعَ الْعِمَامَةِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَيْضًا أَبُو حَنِيفَةَ ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ اللَّهَ فَرَضَ الْمَسْحَ عَلَى الرَّأْسِ .
وَالْحَدِيثُ فِي الْعِمَامَةِ مُحْتَمِلُ التَّأْوِيلِ فَلَا يُتْرَكُ الْمُتَيَقَّنُ لِلْمُحْتَمِلِ ، وَالْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ لَيْسَ بِمَسْحٍ عَلَى الرَّأْسِ ، وَرَدَ بِأَنَّهُ أَجْزَأَ الْمَسْحَ عَلَى الشَّعْرِ وَلَا يُسَمَّى رَأْسًا .
فَإِنْ قِيلَ : يُسَمَّى رَأْسًا مَجَازًا بِعَلَاقَةِ الْمُجَاوَرَةِ قِيلَ : وَالْعِمَامَةُ كَذَلِكَ بِتِلْكَ الْعَلَاقَةِ ، فَإِنَّهُ يُقَالُ : قَبَّلْتُ رَأْسَهُ ، وَالتَّقْبِيلُ عَلَى الْعِمَامَةِ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ الْمَسْحُ عَلَى الرَّأْسِ فَقَطْ وَعَلَى الْعِمَامَةِ فَقَطْ ، وَعَلَى الرَّأْسِ وَالْعِمَامَةِ ، وَالْكُلُّ صَحِيحٌ ثَابِتٌ ، فَقَصْرُ الْإِجْزَاءِ عَلَى بَعْضِ مَا وَرَدَ لَغَيْرِ مُوجِبٍ لَيْسَ مِنْ دَأْبِ الْمُنْصِفِينَ . قَوْلُهُ : ( وَالْخِمَارُ ) هُوَ كُلُّ مَا سَتَرَ شَيْئًا فَهُوَ خِمَارُهُ ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعِمَامَةُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ : لِأَنَّهَا تُخَمِّرُ الرَّأْسَ أَيْ تُغَطِّيهِ .
وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الَّذِي روي عَنْ سَلْمَانَ " أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا قَدْ أَحْدَثَ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْلَعَ خُفَّيْهِ فَأَمَرَهُ سَلْمَانُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ وَقَالَ : رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ وَعَلَى خِمَارِهِ " .
وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ "رَوَاهُمَا أَحْمَدُ ) .
وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : " بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمْ الْبَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا إلَيْهِ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ الْبَرْدِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ (الْعَمَائِمُ)وَالتَّسَاخِينِ (الْخِفَافُ)" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد .
مصدر الفتوى: موقع مصراوى