محللون: مصر غاضبة من بوش لانه أعاد فتح ملف الاصلاح فيها
القاهرة (رويترز) - قال محللون يوم الثلاثاء ان مصر غاضبة من الرئيس الأمريكي جورج بوش لانه
أعاد فتح ملف الاصلاح الديمقراطي فيها في خطابه في أولى جلسات منتدي دافوس بمنتجع شرم الشيخ
المطل على البحر الاحمر يوم الأحد.وقال بوش في الخطاب الذي تقول صحف مصرية ان الرئيس حسني مبارك قاطعه انه يتطلع إلى أن
تقود مصر الاصلاح في الشرق الاوسط وانتقد ما قال انه صيغة الحكم التي تقوم في المنطقة على "حاكم
في السلطة ومعارضة في السجن."
ووجهت صحف مصرية تديرها الدولة انتقادات لاذعة للرئيس الأمريكي بعد الخطاب. ووصف رئيس
تحرير صحيفة الأخبار محمد بركات في مقال نشر يوم الثلاثاء بوش بأنه "داعية حرب ومروج للعنف
والعدوان." وأضاف "ان للرجل تاريخا حافلا في اشعال الحرائق وإعلان الحروب علي الدول خارج اطار
الشرعية الدولية وهو ما لا يؤهله على الاطلاق كي يكون صالحا لنشر الهدوء والاستقرار والسلام."
وشكك مسؤولون وسياسيون مصريون بينهم العضو القيادي في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم
جمال مبارك ابن الرئيس المصري في امكانية أن يفي بوش بوعد اقامة دولة فلسطينية إلى جانب اسرائيل
هذا العام قبل ان يترك مقعده لرئيس جديد في يناير كانون الثاني المقبل. وقال بركات في مقاله "بوش أثبت من جديد أنه على ما هو عليه من عدم القدرة علي رؤية الواقع أو
فهمه وعدم القدرة علي ادراك طبيعة المنطقة وطبائع شعوبها في ظل ما هو عليه من انحياز كامل
لاسرائيل وولاء دائم لها." وتقول مصر ودول عربية أخرى حليفة لواشنطن ان الاصلاح يجب أن ينبع من الدول ذاتها ووفقا
لثقافاتها وأولوياتها. وقالت الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول في نيويورك وواشنطن ان
الاصلاح الديمقراطي في دول المنطقة ضروري للحد من العداء الذي تبديه أغلبية من السكان تجاه
سياسات واشنطن.
وقال رئيس تحرير صحيفة الجمهورية محمد علي إبراهيم في مقال نشر يوم الاثنين "كان انصراف
الرئيس مبارك عقب القاء خطابه (في الجلسة الافتتاحية) سلوكا حكيما. فهو غير مطالب بالجلوس لسماع
محاضرة (من بوش) عن الديمقراطية والحرية لشخص هو أبعد ما يكون عنها." وأضاف "تحدث الرئيس بوش عن استيائه من نظم حكم بالمنطقة تقوم بسجن المعارضة السياسية. إلا
أننا نقول له انكم انتم الذين تسجنون الناس بدون محاكمة في جوانتانامو وأبوغريب وغيرهما."
وقالت المحللة السياسية هالة مصطفى "أعتقد أن ملف الاصلاح السياسي هو أكثر الملفات حساسية
بين الجانبين (المصري والأمريكي)." وأضافت "ربما يكون الملف المسكوت عنه وهو الخلافة في مصر هو السبب الجوهري... الولايات
المتحدة لم تبد رأيا قاطعا أو حاسما في موضوع الخلافة برغم أنه الموضوع الابرز على الاجندة
المصرية. ربما انتظر البعض في مصر دعما أكبر أو صريحا أو واضحا (لهذا الملف من الولايات
المتحدة) وهذا لم يأت." ويقول سياسيون معارضون ومحللون ان مبارك (80 سنة) يعد جمال الذي يشغل منصب الأمين العام
المساعد للحزب الوطني وأمين السياسات في الحزب لخلافته. وقال سياسيون في الحزب الحاكم ان من
حق جمال خوض الانتخابات الرئاسية بعد تعديل دستوري أتاح تعددية المرشحين لاول مرة. لكن
معارضين ومحللين يقولون ان التعددية المتاحة مقيدة على نحو يجعل نجاح مرشح الحزب الحاكم مؤكدا
تقريبا. وقالت هالة مصطفى التي ترأس تحرير مجلة الديمقراطية التي تصدر عن مؤسسة الأهرام لرويترز
"مصر اعتادت على وضع معين فيما يتعلق بدورها الاقليمي... في الفترة الأخيرة يبدو أن أمريكا لم تعتمد
على وسيط اقليمي وحيد كما كان في السابق. "لذلك أعتقد أنه ربما أصاب النظام المصري نوع من الاحباط في وقت لم تصدر فيه إشارة (في
خطاب بوش) إلى الوساطة المصرية الأخيرة بين الفلسطينيين واسرائيل."
وأضافت "ربما أن ما يقلق مصر هو احتمال أن يكون موقف بوش هو الخط الذي ستسير عليه الإدارة
الأمريكية الجديدة." وتتوسط مصر بين حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة واسرائيل من أجل تهدئة توقف الغارات
الاسرائيلية على القطاع واطلاق الصواريخ الفلسطينية على الاراضي الاسرائيلية تمهيدا لامتداد التهدئة
إلى الضفة الغربية بعد فترة يتفق عليها. وقال المحلل السياسي عمار علي حسن ان ما يغضب مصر من الولايات المتحدة هو ما تقول انه تدخل
في شؤونها الداخلية "وعلى نحو خاص قضية الاصلاح الديمقراطي." واضاف "النظام المصري كان يعتقد أن الولايات المتحدة اما رضيت بالاصلاح الشكلي الذي أجراه أو
تغاضت عن قضية الاصلاح بعد مكاسب الاخوان المسلمين في الانتخابات التشريعية التي أجريت عام
2005." وأضاف "حديث بوش لمحطة تلفزيون مصرية (قبل وصوله إلى المنطقة) عن أنه كان هناك اصلاح
تم التراجع عنه دل على أن أمريكا غير راضية." وشغل الاخوان المسلمون حوالي خمس مقاعد مجلس الشعب الذي يتكون من 454 مقعدا في انتخابات
عام 2005 التي يقول محللون ان المرحلة الاولى منها كانت نزيهة تماما تقريبا ثم شابت مرحلتيها الثانية
والثالثة عمليات تزوير وأعمال عنف.
وقال حسن ان الولايات المتحدة ربما تخشى أن يزيد التاثير السلبي على صورتها في مصر اذا أيدت
توريث الحكم. وأضاف "خطاب بوش في الكنيست عن اسرائيل التوراتية نسف تماما التصور المصري لحل يقوم
على دولتين فلسطينية واسرائيلية بينما الأمن القومي لمصر يضغط في هذا الاتجاه." وقال بوش في الخطاب الذي ألقاه في الكنيست في الذكرى السنوية الستين لقيام اسرائيل ان اليهود هم
الشعب المختار للارض التي أقاموا عليها دولتهم. لكن المحلل السياسي محمد السيد سعيد الذي يرأس تحرير صحيفة البديل اليومية اليسارية قال انه لا
يرى أن هناك أزمة في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة. وأضاف أن مصر تفعل الكثير مما تطلبه
اسرائيل "من أجل ارضاء أمريكا."
المصدر