أطباء مصر يبدأون إضرابا جزئيا لأربعة أيام ويلوحون بمظاهرة حاشدة في التحريرفي حين تواصلت مساعي مؤسسة الأزهر والكنيسة المصرية لاحتواء تداعيات الاشتباكات الطائفية التي تفجرت في حي إمبابة الشعبي قبل أيام، وشهدت سقوط 15 قتيلا و242 مصابا، وقعت اشتباكات محدودة بين نشطاء مسيحيين خلال اعتصامهم لليوم العاشر على التوالي أمام مبنى التلفزيون الرسمي بمنطقة ماسبيرو (وسط القاهرة)، اعتراضا على تعليق أحدهم لافتة تنادي بتعديل المادة الثانية من الدستور، والتي تنص على أن دين الدولة هو الإسلام، بينما دخل الأطباء في مصر أمس، بقوة على خط الإضرابات الفئوية، وأعلنوا إضرابهم الجزئي عن العمل لأربعة أيام، ملوحين بتنظيم مظاهرة حاشدة بميدان التحرير في حال عدم استجابة الحكومة لمطالبهم المتمثلة في رفع ميزانية الصحة وتطهير الوزارة من قيادات وصفوها بـ«الفاسدة».
واستقبل البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أمس، في مقره الرسمي بالعباسية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ووفدا من المشيخة، واتفقا على استمرار الجهود لحث المواطنين على التكاتف من أجل دعم الوطن ومساندته بما لا يعوق مسيرته في تعزيز وتأكيد سيادة القانون، وأهمها العدل والحرية والمواطنة.
وقالت مصادر مطلعة إن اللقاء لم يتناول «اعتصام ماسبيرو» أو أحداث العنف التي وقعت ليلة السبت الماضي، حين اعتدى مجهولون على المعتصمين باستخدام أسلحة نارية وقنابل مولوتوف. ويأتي لقاء الدكتور الطيب والبابا شنودة في إطار اجتماعات مبادرة «بيت العائلة»، التي أعلن شيخ الأزهر عن تأسيسها في يناير (كانون الثاني) الماضي عقب حادثة تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، في محاولة لرأب الصدع بين عنصري الأمة. وواصل آلاف المسيحيين اعتصامهم أمام التلفزيون الرسمي بوسط العاصمة المصرية لليوم العاشر على التوالي، رافضين مطالبات البابا شنودة الثالث بفضه أو تعليقه. وقال القس سلوبتير جميل كاهن كنيسة العذراء وماري مرقص بالطوابق بمحافظة الجيزة وأحد القائمين على الاعتصام لـ«الشرق الأوسط» إن «عددا كبيرا من المسلمين متضامنون معنا، ولا أتصور أن يشكل اعتصامنا ضررا لأحد، خاصة أن مطالبنا مشروعة».
وقال أحد الشباب المشاركين في الاعتصام إن 32 محاميا مسلما ومسيحيا تقدموا ببلاغ للنائب العام ضد 8 من شيوخ السلفيين في مصر، واتهموهم بإثارة الفتنة والتحريض على استهداف المسيحيين. وشهد الاعتصام اشتباكات محدودة بين عدد من المسيحيين المعتصمين أمس، بعد اعتراض عدد منهم على تعليق أحد المعتصمين لافتات تنادي بتعديل المادة الثانية من الدستور والتي تنص على أن دين الدولة الإسلام وأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي في التشريع.
وفي غضون ذلك، دخل منذ الساعات الأولى من صباح يوم أمس أطباء 22 مستشفى عاما ومركزيا وأكثر من 200 وحدة صحية، في إضراب جزئي لأربعة أيام، ولوحوا بتنظيم مظاهرة لمقدمي الخدمات الطبية حال عدم استجابة الحكومة لمطالب الأطباء والتي يأتي على رأسها رفع ميزانية الصحة من 3 في المائة إلى 15 في المائة من الدخل القومي، وإقالة الوزير، بالإضافة إلى تطهير الوزارة من القيادات الإدارية التي وصفوها بـ«الفاسدة»، وتوفير الأمن بالمستشفيات التي تعرضت للاقتحام من قبل البلطجية خلال الشهرين الماضيين.
من جهته قال الدكتور عادل العدوي، مساعد وزير الصحة والسكان لشؤون الطب العلاجي، إن الوزارة أرسلت منشورا أمس، لجميع مديريات الصحة بالمحافظات، يتضمن قرارات المجلس الأعلى للصحة، خاصة فيما يتعلق بإعادة هيكلة الأجور، والتأكيد على أن الوزارة أرسلت كافة مطالب الأطباء لمجلس الوزراء ووزارة المالية.
وناشد المنشور الأطباء بعدم التخلي عن المرضى، والالتزام بمسؤولياتهم، خاصة في المرحلة العصيبة التي تمر بها البلاد، مشيرا إلى أن التقارير التي تم إرسالها من المحافظات إلى غرفة العمليات بالوزارة، أكدت أن العمل مستمر بشكل طبيعي في عدد من المحافظات على رأسها القاهرة والجيزة والمنيا وبني سويف.
في المقابل قال الدكتور رشوان شعبان عضو اللجنة العليا لإضراب أطباء مصر إن بعض المستشفيات تلقت تهديدات من مسؤولين بوزارة الصحة ومديرياتها بالمحافظات بالوقف لمدة 6 شهور في حالة مشاركتهم في الإضراب.
وتفاوتت نسب نجاح الإضراب في المحافظات المختلفة، ففي محافظة السويس شارك نحو 80 في المائة من أطباء المراكز الطبية والمستشفيات في دعوة الإضراب، عدا أقسام الطوارئ والاستقبال.
وقال الدكتور تامر البوهي رئيس اللجنة المنظمة للإضراب بالسويس إن الأطباء المضربين يطالبون بضرورة زيادة ميزانية وزارة الصحة وزيادة دخول الأطباء مثلما تم مع وزارتي الداخلية والدفاع وأعضاء هيئة التدريس.
وفي محافظة دمياط أضرب الأطباء عن العمل بجميع العيادات الخارجية بالمستشفيات العامة والوحدات الصحية ونددوا خلال اعتصامهم بسوء الأوضاع المالية للأطباء وتدني الخدمة الصحية المقدمة للمرضى داخل المستشفيات ونقص الأدوية والتجهيزات الطبية.
وفي محافظة الدقهلية، شارك عدد محدود من الأطباء، قدر بنحو 10 في المائة من مجموع أطباء المحافظة، في الدعوة التي تبنتها النقابة العامة لأطباء مصر. وأكد الدكتور أسامة فريد محمد وكيل وزارة الصحة بالمحافظة أن العمل منتظم بصفة عامة بالمستشفيات الرئيسية والمركزية بمختلف أنحاء المحافظة، قائلا إنه «لم يتأثر إلا عدد محدود من الأطباء، بينما سار العمل بشكل طبيعي بالمستشفيات العامة والمركزية».